سياسات التنويع الاقتصادي في دول مجلس التعاون الخليجي

آراء 2023/10/10
...






  أد. فلاح خلف الربيعي

يصنف الاقتصاد العراقي من حيث التنوع الموردي على أنه من أكثر اقتصادات دول منطقة الخليج تنوعًا، لكونه يحظى بتنوع إنتاجي وطبيعي وبشري أكثر بالمقارنة مع تلك الدول، إلا أن ما بذله العراق من جهود – فكرا وتطبيقاً- في مجال التنويع الاقتصادي تبدو متواضعة جدا، مقارنة بحجم الجهود التي بذلتها دول مجلس التعاون الخليجي مجتمعة أو على انفراد.  يهدف هذا المقال إلى تذكير صانع القرار بحجم الفجوة بين جهود التنويع في دول مجلس التعاون الخليجي، بالمقارنة مع الجهود المتواضعة التي بذلت في العراق بعد عام 2003.
 فقد أدركت دول مجلس التعاون الخليجي ومنذ أكثر من عقدين، أن استمرار اعتمادها على النفط سيزيد من هشاشة اقتصاداتها ويقلل من عنصر الاستدامة في التنمية، من خلال تعميق التدهور وعدم الاستقرار في النواحي الاقتصاديَّة والاجتماعيَّة والسياسيَّة والبيئيَّة، التي تغذيها العوامل الخارجية كصدمات أسعار النفط وضغوط السياسات المناخية، فضلا عن الضغوط الدولية، التي تطالبها بالتكيف مع توجهات الاستدامة البيئية. واستجابة لتلك الضغوط شرعت دول المجلس في تبني ستراتيجيات التنويع الاقتصادي، التي تسعى إلى تطوير قطاع الصناعة والقطاعات القائمة على المعرفة والمرتبطة بفضاء الإنتاج العالمي، وتعزيز دور القطاع الخاص، وجذب الاستثمار الأجنبي لزيادة قدراتها التنافسية وزيادة حجم مصادر الدخل غير الكربونية، التي تشترك فيها القطاعات الأكثر قدرة على التكيف مع التغيرات المناخية.
ويعترض هذا التوجه حاليا عددٌ من العقبات من أهمها التقادم التكنولوجي وانخفاض مستوى تطوير التكنولوجيا وعدم كفاية المهارات في مجال التكنولوجيات المتقدمة، وانخفاض مستوى الإنتاجية والأجور، ناهيك عن الاعتماد على الصادرات ذات المحتوى عالي الكربون. ولتعزيز سياسات التنويع الاقتصادي اتخذت دول مجلس التعاون الخليجي على مدى العقدين الماضيين مجموعة من الخطوات من أهمها:
• تخفيض حصة النفط والغاز في الناتج المحلي الإجمالي، وزيادة معدلات الاستثمار في القطاعات غير الهيدروكربونية وبخاصة البنية التحتية الصناعية، وقطاع الخدمات المالية.
• الاستثمار في التكنولوجيا النظيفة كمصادر الطاقة المتجددة واحتجاز الكربون وتخزينه.
• تعزيز أمنها الغذائي من خلال الاستحواذ على مساحات واسعة من الأراضي الزراعية خارج حدودها الوطنية.
• معالجة الصدمات المناخية والجيوسياسية الخارجية، وبخاصة الظروف الاقتصادية العالمية شديدة التقلب كصدمات أسعار النفط.
• احتواء الآثار السلبية للصدمات الصحيَّة على الوضع المالي كجائحة كورونا.
• توسيع فرص السوق النفط والغاز الخليجي في كل من أوروبا وآسيا كبدائل للموردين الروس.
• تعزيز دور الدولة التنموي من خلال دمج استراتيجيات التنويع الاقتصادي في خطط التنمية الوطنية.
وركزت مجموعة الرؤى والخطط التنموية-التي طرحتها دول مجلس التعاون الخليجي على انفراد على ثلاثة محاور وكالآتي:
1 - التنويع في قطاع النفط والغاز عن طريق التوسع في الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة، مثل الألومنيوم أو الصلب مثل البتروكيمياويات والأسمدة والمواد الكيميائية.
2 - التنويع في القطاعات الناجحة داخل اقتصاداتها. وتشمل الخدمات المصرفية؛ والخدمات اللوجستية وقطاع الموانئ البحرية والتجارة في دبي؛ قطاع التجارة في الكويت؛ وصناعة غاز البترول المسال ومصانع الصلب في عمان؛ ومعالجة الألمنيوم الخام في البحرين.
3 - إدخال صناعات أو أنشطة جديدة تتمتع بإمكانات نمو عالية، مثل الطيران (المطارات وشركات الطيران وخدمات النقل الجوي والخدمات اللوجستية)، والسياحة والضيافة (مثل سياحة المؤتمرات والسياحة التجريبية)، والعقارات، والخدمات اللوجستية وخدمات الأعمال أو في مجال التصنيع، المنتجات ذات المحتوى التكنولوجي العالي مثل التقنيات الذكية أو التقنيات الخضراء.
وبشكل أكثر تحديدًا، تميزت المناهج التي أتبعتها دول الخليج لتحقيق التنويع بما يأتي:
• تطوير البنية التحتية الصناعية من خلال تطوير الصناعات كثيفة رأس المال، التي تستخدم موارد النفط والغاز، الصلب والألمنيوم والأسمدة والبتروكيمياويات
• تطوير الصناعات التحويليَّة الأخرى مثل السمنت ومواد البناء والمنتجات الكهربائية والمنسوجات والملابس والأثاث والأدوات المنزلية.
• تطوير القطاعات والخدمات الإنتاجية الأخرى مثل الزراعة والتجارة، والخدمات المصرفية، والخدمات المالية، والطيران، والعقارات، والسياحة، والاستثمارات في الأصول الخارجية (مثل الفنادق). (سلاسل، موانئ، عقارات).
• تقليص الدور المباشر للقطاع العام من خلال خصخصة الشركات والمرافق العامة وخفض الدعم المحلي للمياه والكهرباء والإسكان والغذاء.
• الحد من استخدام طاقة الوقود الأحفوري المحلي ودمج الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة المحلي.