لا يكيلون الملامَ ويطلبون الصفْح

ثقافة 2023/10/11
...

 عامر فردان *
وفي هذِي الظهيرةِ، حيث كلُ شيء جاهزٌ لنوم السباعِ،  

قل لكل الذين مرّوا بكَ يانعاً واقتطفوا من قلبكَ وردةً للمضي ، كبرتُ 

وتَبَقّى لدي شيء من الحكمة والدم المدرَّب، فمن رغب فيّ فليقرُب من سدرتي 

ثمة ماءٌ في لحائي المُرّ ، والليلُ نَبقْ 


وفي هذي الظهيرةِ، حيث الأشياء حامضة قبل النضوج 

قل للصديق الوفيّ، اذكُر خصالي وكن صادقاً في الكذب، مُكْثِراً من أفعل التفضيل، بحيث تمنحني حصاناً صالحاً لزيْن الإقامة، وقل للضيوف تعالوا إلى الحديث الكهْلِ، فالليل طويلٌ والحكايات أَرَقْ 


وفي هذي الظهيرة ، ما مَرّ بكَ مرّ على الله واستأذن بابَه 

فقل لأُمِّك التي أمطرتْكَ بالنون لتنْجُوَ: ما نجوتُ 

وقل لها عن رجواك : سرابٌ ما رجوتُ 

قل لها غافلتني السنون يا أمّ البنين، لم تُبلّغني النهاية إلا ساعة هِمْتُ بالوجهِ الطبيعي لشكلِ الحبِ أخّاذاً ويحذوه ألقْ 

وأنت في هذي الظهيرةِ، حيث كلُّ شيءٍ صالحٌ لهجاءِ قِصّتِها الكثيرة 

قل لأبيك في عالي الأعالي: لم أجْنِ منكَ الصَلَفَ الذكوريَ، وتخنّثتُ بالشعرِ والتجريد، حدّقتُ في وجهها كثيراً يا أبي ونسِيتُ أن أرفع رأسي عنها ، لأرى العُقبان في الأفْقِ الكُركُمي شاهرةً نيّتَها، والحمامُ يفِرُّ من الأثلِ، وكان الجوُّ حُمّى ، والسريرُ عَرَقْ 


ولكنْ 

وأنت في هذي الظهيرةِ ، وحدَكَ الوحيد ككتابٍ ، لا تنفعل ، ولا تكن “ حاطبَ ليل “

لا تقُلْ : سأجرّدُ نهدها من ألقابه، وأسمّمُ النهرَ والدلتا ، وأَكتُبُ مرثية لنحاس جِيدِها ، وأَلعَنُ إثْمَ قُبْلتِها 

بل تصرّف كالرجالِ في الحروب ، يكتبون الرسائلَ ، لا يكيلون الملامَ ويطلبون الصفْحَ ، وهم غارقون في المورفين والقيح  

وقل : أُحِبُّكِ طولَ العمرِ ، لتحرّرَ روحكَ من تفاقُمِها 

فالرجال رجالٌ ساعةَ يُكْسَرونَ ، والقلبَ دمٌ أبديٌ، والشعرُ وَرَقْ 

* شاعر كويتي