نجاح العلي
ما من دولة على سطح المعمورة لم تمر بأزمة أو كارثة، سواء كانت هذه الأزمات بشريَّة أو طبيعية، وأبسط مثال على ذلك وباء كورونا، وما رافقه من إجراءات غلق الحدود، وحظر التجوال وتوفير المواد الغذائية والأدوية واللقاحات.
العراق عانى وما زال يعاني من أزمات ومشكلات وكوارث عدة، استدعت أن يشكل لجانًا وفرق عمل مركزية في العاصمة بغداد، وأخرى فرعية في المحافظات والأقضية والنواحي لإدارة الأزمات والاستعداد لها، وفق ثلاث مراحل الأولى ما قبل الأزمة مثل توقع حدوث أزمة نتيجة التغيرات المناخية أو الزلازل والفيضانات والحرائق والاضطرابات الأمنية والجفاف أو انخفاض أسعار النفط، وقلّة الإطلاقات المائيَّة من دول الجوار، لوضع خطط زراعية باستخدام الري بالتنقيط أو المرشات، فضلا عن تأمين خزن غذائي للمحاصيل الستراتيجية الأساسية، لتحقيق الأمن الغذائي للبلاد، وغيرها الكثير من الإجراءات والخطوات الاستباقية للتقليل من تأثيرات الكوارث والأزمات وطرق التكيف معها.
اما المرحلة الثانية فهي تأتي بالتزامن مع حصول الأزمة والكارثة لا سمح الله مثل حصول زلازل أو فيضانات وسيول مفاجئة، أو وباء أو أمراض انتقالية أو فاجعة أو عمليات عسكرية أو أمنية وما يرافقها من إتلاف، وتدمير البنى التحتية والمنشآت، وتوفير أماكن للمتضررين والمهجرين، وتزويدهم بالغذاء والماء والكهرباء وغيرها من مستلزمات الحياة الأساسية، فضلا عن سرعة الاستجابة للكوارث من القوات الأمنية وفرق الدفاع المدني، وسيارات الأسعاف والمستشفيات، بدعم وإسناد من الجهات القطاعية الأخرى، ومنظمات المجتمع المدني والمتطوعين ووسائل الإعلام.
وأخيرا مرحلة ما بعد الأزمة والكارثة وتحليل أحداثها ومعطياتها، وكيفية التعامل معها وقصص النجاح والاخفاقات في بعض مفاصلها، ومراجعة أسبابها وإيجاد الحلول والمقترحات، لتجنب حدوثها مستقبلا أو التقليل من آثارها، إن حدثت في وقت لاحق ولا يجب هنا التعامل مع الأزمات بردود فعل، بل لا بدَّ من التخطيط والتنظيم والتوجيه والمتابعة، وهي ما تقود لقرارات مدروسة بعناية بما يقلل من آثارها.
موضوعة الاستعداد للازمات والكوارث في بلدنا مهمة جدا، وبحاجة إلى خطط وبرامج واستعدادات ومبادرات وخطوات عملية، لتجنبها قدر الإمكان، أو التقليل من آثارها ومن خسائرها واحتوائها إن حدثت لا سمح الله، إذ إن عملية احتواء الأزمات تعدُّ فنًا بحد ذاته، ورغم تنوع الأساليب والستراتيجيات، إلا أن الأهداف تتلخص في السيطرة على الأزمة عبر تقليل الأضرار، ومن ثم ضمان استقرار الوضع وصولا إلى مرحلة التعافي منها.