أنيس منصور: تعال نفكر معًا

الصفحة الاخيرة 2023/10/11
...

زيد الحلي 



انتهيت  مؤخرا من غعادة قراءة كتاب انيس منصور “ تعال نفكر معاً”،  ووجدتُ أنني وضعتُ عند قراءتي الأولى له قبل سنوات  خطاً وعلامة تعجب، تحت إحدى فقراته، مع عبارة بقلمي (لا اتفق معه) .. وأنقل لكم ما ذكره أنيس منصور، فهل أنتم معه أو معي؟

“لا أحد في هذه الدنيا يستحق أن تتعذب وحدك بسببه ومن أجله.. لا أحد صدقني.. فليس لك إلا نفسك،، إلا جسمك، إلا عقلك، إلا راحتك.. فأنت ضروري جدا لنفسك.. أنت ضروري لبقائك ولست ضروريا لأي أحد آخر.. فكما كانت الدنيا قبلك، فسوف تبقى بعدك.. وربما أحسن، فاهرب من نفسك إلى نفسك.. نصيحة منى ولا علاج غير ذلك”.

بالنسبة لي، لا اتفق مع الرؤى الحياتية لأنيس منصور، فالإنسان  دون مجتمعه، وخلانه، وأهله، يصبح مجرد كائن، يأكل وينام بانتظار أجله الموعود.

إنَّ التكاتف المجتمعي، يجعل الفرد دائمًا يتقن فن العيش المثمر، ويتلذذ بإنسانيته، والعلاقات  تجعله  يجيد فن ترتيب الأفكار، والعبارات، ولديه قدرة  على إنشاء روابط  مع من حوله سواء في العمل، أو المدرسة، أو الجامعة، وفي صنع جميع الأسس الجيدة مع الآخرين، ويجعل الحياة خالية تمامًا من الكره، والحقد، والغيبة، والنميمة، والتواصل المجتمعي اليومي  يزيد الأشخاص مع المحيطين بهم، بروح السعادة، والمرح، والفكاهة، وصحة الجسد على عكس الأشخاص الانطوائيين الذين يمتلكون روح الحزن، واليأس..

لقد بات  من المسلّم به أن الترابط الإنساني، له الأولوية في التأثير وإحداث التغيير على  جميع الصعد المجتمعية، وبالتالي شكّل التواد الإنساني البنية التحتية والأرضية الموضوعية لكل  المجتمعات، التي نشأت وقامت عبر التاريخ، وأسهم بفعالية في تطور أشكال الفنون، وترسيخ القيم الإنسانية المعروفة .

ولا شك عندي  أن  الصداقات   تمنحك  الهواء النقي، لأنها  شدو نهر عذب في جريانه، همها السؤال عنك، والتبحر في احتياجاتك هي شريانك، مرتع الخصب في حياتك.. والحياة ليست طويلة لنجرب العزلة والأنانية،  فكل شيء  فيها  قصير، وعلينا أن نكون صادقين في إنسانيتنا وصداقاتنا، ومن المسلم به أن المحبة المقترنة بالصداقة الحقة، إن لم تكن مصاغة، صياغة إنسانية، تتسق فيها الكلمات مع المعاني، تفقد قيمتها، وتسيء إلى  متلقيها بدلا من أن تثري الوجدان، لأن من يضحي بالقيمة الإنسانيَّة  في سبيل القيمة الحسيَّة للصداقة  فإنه يتنكر للقيمتين معا.