علي حنون
لا نختلف في رؤى ولن نتقاطع كذلك في وجهات النظر، مع زملاء المهنة، حينما يركن كل منا إلى تسويق رأيه بصدد موضوعات الساعة، التي تشهدها المنظومة الرياضية، بل غالبا ما تأتي أفكارنا لتُعضد آراء الآخرين وإن تباينت طريقة التناول، ويقينا أننا إذا تمعنا في ما يُطرح فإننا سنقف على حقيقة لا مناص منها مفادها أن السواد الأعظم من النقاد والمتابعين، ينشدون في ما يطرحون تحقيق التغيير الإيجابي بهدف التصحيح والإصلاح، ولذلك نَقرُ، جميعا، أن الانتقاد لأمر ما، وبنقاء سريرة، إنما هو مرآة تَعكسُ ثقافة الإنسان، وأن المُفردات المُستعان بها، تُقَدم صورة واضحة جلية عن السلوكيات، التي تَزدان بها القدرات المهنية لمن يتصدى لمهمة إبداء الرأي، فضلاً عن إيماننا بأن الغاية الأسمى - كما أسلفنا - من عملية التقييم هي دعم المسيرة والمساندة في استقامتها.
ونعتقد بأن التقاءنا، يبقى قائما نظير ذلك، لأننا نَعدُها حالة إيجابية تُثَقف لفكر حر وبناء لا يُمكن التنازل عنه في المُجتمعات، التي تفقه ما تُريد، لكن وهنا تُسكب العبرات وتأتي تداعيات (لكن)، وكَكُل الأشياء، التي (استوردنا)، من دون إدراك لفحواها وتَمعُن حقيقي في أبعادها، صار بَعضنا يَهوى هذه المُفردة (التقييم)، لكن بعد أن يُفرغها، طبعا، من مضمونها وغاياتها ويأخذ فقط بقشرتها، وغالبا ما تكون (سلاحا) يَستَعين به لإصابة أهداف شخصية، مع أن مَن يَنتَهجُها يسعى لتصدير مفاهيم غير مهنية، وفي أحايين يُردد من خلالها رغبات آخرين وليست بالضرورة أن تكون من (بنات) أفكاره.
أن هذه الحالة (الهجينة)، التي يخرج أصحابها باستمرار عن سرب الاتفاق، بتنا نُشاهدُها - مع شديد الأسف - واقعا مُسلّما به، بحيث أنها أمست تُؤسس لولادات (شاذة) بلغت شواطئ (التسقيط)، ونَجزمُ أن حضورها صار يُشكل خطراً حقيقياً، ويقيناً أن سبيل الشفاء منها، له منفذ واحد يَتمثل في السعى لاستئصالها، طالما أنها أضحت سلاحاً بيد من لا يَعنيه الإصلاح.. وكم نتمنى أن تنأى بعض منصاتنا بنفسها عن السير في هذا السبيل، وأن تكون جزءا إيجابياً، تنظُر بطروحاتها إلى القسم المُمتلئ من القدح، وتَعمل بفلسفتها على التَقويم، لا أن يَكون ظاهر عناوينها هكذا، وبين السطور (زرع) عبوات (النيل) من الآخرين.
والأمر الجلي، الذي نُؤمن به هو أن الوجه الأبيض للانتقاد المهني مطلوب ومطلوب جدا، لأنه يُقوّم ويُسهم في تصحيح المسار، بينما نرفض جميعا الوجه الآخر، طالما أنه ليس سوى معول للتهديم، ويقينا أن بيت القصيد هنا لا يعني بما تَناولنا اسماً بعينه، أو منصة بهويتها، وإنما يعكس رصدا لحالات جئنا عليها كأفكار في محاولة لإذكاء عملية الرفض لـ(التسقيط) والتشجيع على مُمارسة (التقييم) الإيجابي..ولعلنا لا نُذيع سرا حين القول إن جل برامجنا ومنصاتنا فيها من المهنية ما يُغلف رؤية القائمين عليها بحلقات الحرص والمسؤولية، ويبقى من يكون الإشكال حاضرا في طروحاتهم، لا يُمثلون سوى شذاذ أفق وهم قلة ديدنهم العزف على أطلال الأفكار المريضة.