علي حسن الفواز
تخشى إسرائيل من تدويل الحرب على غزة، مثلما تقوم الولايات المتحدة بدفع الأمور إلى استخدام أقصى درجات العنف ضد الفلسطينيين، مقابل منع أي إجراء يمكن أن تتخذه الأمم المتحدة للدعوة إلى إيقاف القصف الهمجي الإسرائيلي للمدنيين في غزة، وإيصال المساعدات الغذائية والإنسانية للفلسطينيين المحاصرين في غزة..
هذا التوصيف المُفارق يكشف عن خطورة تعطيل الإرادة الدولية، وفرض سياسة الولايات المتحدة المنحازة إلى إسرائيل، ووضع التابو الأمني كخيارٍ لمواجهة حق الشعب الفلسطيني في الدفاع عن وجوده، فضلاً عن قيامها بالتنسيق مع دول الغرب (فرنسا، ألمانيا، بريطانيا) لقطع المساعدات عن الفلسطينيين، وفرض حصار اقتصادي كبير على غزة، باستثناء إسبانيا التي رفضت منع وصول المواد الغذائية والماء إلى المحاصرين في غزة، وهو مايدفع للحديث عن مرحلة مابعد حرب غزة التي تحولت إلى حرب كشفت عن جروح التاريخ وعن أزمة الاحتلال وأوهامه.
ما قاله المفوض السامي للأمم المتحدة فولكر تورك يكشف عن أزمة هذه الحرب، وعن واقعٍ مُحرج لما تقوم به المنظمة الدولية، فما يجري من قصف عنيف وتدمير للبنى التحتية هو "غير قانوني بموجب القانون الدولي" على حدِ قوله، وهو ما يستدعي اتخاذ إجراءات فاعلة، لا سيما بعد قيام إسرائيل بفرض حصار شامل على قطاع غزة، وقطع الطرق المؤدية إلى كلّ المدن الفلسطينية الأخرى، كما أنَّ توصيف انطونيو غوتيريش بأنَّ "ما جرى كان مأساوياً للغاية قبل هذه الأعمال العدائية، والآن سيتدهور بشكل كبير، وأنَّ أعمال العنف الأخيرة لم تأت من فراغ، بل نشأت من نزاع طويل الأمد، مع احتلال دام 56 عاماً للأراضي الفلسطينية"، فضلاً عن ذلك، فقد دعا برنامج الأغذية العالمي إلى ضرورة إقامة ممرات إنسانية لدخول المساعدات والمعونات الإنسانية إلى غزة، والعمل على " توفير المساعدات لـ"أكثر من 800 ألف شخص في فلسطين".
كما أنَّ توصيف سامر عبد الجبار مدير برنامج الأغذية العالمية القطري في فلسطين بأنه "مدمر" يكشف - من جانب آخر- عن رفض المنظمات الدولية لإجراءات القهر والعزل والحصار والتجويع، وضرورة اتحاذ الإجراءات الرادعة لايقاف القصف الدموي العشوائي على مدينة غزة، وعلى أهداف مدنية فيها شملت الجوامع والمدارس والبيوت والبنى التحتية، والتي راح ضحيتها المئات من الشهداء، فضلاً عن تدمير حاقد للمدينة المكتظة بالسكان، والتي حوّلها الاحتلال إلى سجن كبير.