وزارات.. واتحـادات

الرياضة 2023/10/16
...

علي رياح

كان مُحدّثي في رحلة العودة من الصين، يخوض في وصف التجربة الرياضية الأذربيجانية في كثير من الإعجاب، فهو بصفته مسؤولاً في الاتحادات الإقليمية والقارية زار هذا البلد الذي يرتبط رياضيا بأوروبا، وله امتدادات التأثر بالتجربة السوفيتية السابقة والإيرانية، بحكم الموقع الجغرافي.
النقطة المفصلية الأهم التي استوقفتني في حديثه واستدعت نقاشاً طويلاً في كل الاتجاهات، ما أشار إليه هذا المسؤول حول الدعم الحكومي، بحيث ينتج فرقاً وأبطالاً قادرين على ملامسة حدود الإنجاز.. لم ينس الصديق أنه قرأ مقالي السابق الذي دعوت فيه إلى التخصص في دعم عدد من الألعاب والاهتمام بها وتركيز الرعاية لها، إذا كنا نملك بالفعل فرصة تنمية هذه الألعاب وتحويلها إلى منفذ للتفوق في الدورات الآسيوية .. كانت رؤية مُحدّثي أن التخصص على هذا الصعيد ميزة، ويجب أن يتحول إلى ستراتيجية في العمل الرياضي الذي يبحث عن المنجز، لكن هناك – وفقاً لرأيه – تخصصاً وَجدَ له تطبيقاً رائعاً في دولة مثل أذربيجان، فالدعم هناك يتخذ صورة ارتباط الاتحادات الرياضية البارزة بوزارات حكومية، أي أن كل وزارة تتبنّى اتحاداً مهماً في التفاصيل المالية، وهنا تتحقق غايتان، الأولى معرفة الحكومة حجم الدعم المقدم وما هي أوجه الصرف وكيف تحقق الغاية منها، والثانية أن الحكومة بعد أن تقدم المال والإسناد تصبح قادرة فرض كلمتها في اتجاهات عمل الاتحاد المعني من دون أن يتمرّد الأخير ويشكو من (التدخل الحكومي).
رأيتُ في ما عرضه الصديق ما يستحق النظر بجدية، فمنذ سنوات وسنوات والدعم الحكومي المباشر يتجه نحو عدد من الأندية الرياضية التي دأبت على إنفاق معظم ما يصلها على فرق كرة القدم، لا بل إن بعضها وربما كلها ينفق ما يصل إليه على صفقات مع عدد من اللاعبين باتت أقيام التعاقد مع أحدهم تصل إلى نصف مليون دولار.
ولقد ثبت بالملموس أن هذه الطريقة في تقديم الدعم قد تنتج ارتفاعاً في مستوى الفريق لفترات محددة، على حساب تراجع أندية عديدة أخرى تشكل الغالبية، ولا تملك ميزة الدعم الحكومي القادم من وزارات بعينها، كما أن هذا المال لم يطور كرة القدم نفسها في العراق، في مقابل الإهمال المستمر لصنوف أخرى من الألعاب الرياضية، ومنها تحديداً الألعاب  الفردية التي باتت الوسيلة المثلى لتحقيق النجاح في الرياضة.
في عبارة صريحة واضحة، أدعو إلى مواصلة الدعم الحكومي للأندية  بكل ما يلزم وما تستحق، لأنه لا خيار آخر متاحاً لها في ظل اعتماد الرياضة على المال الحكومي، لكنني أتساءل أيضاً: إلى أي مدى يمكن أن تتفاعل الحكومة عندنا مع وجهة نظر المسؤول الرياضي الآسيوي بضرورة تخصّص بعض الوزارات برعاية اتحادات معينة ستجري لاحقاً محاسبتها على كل دينار تنفقه؟.
ثم لديّ سؤال آخر: لقد جربنا وسائلنا القديمة في ربط المال الحكومي بالرياضة، ولم ننل سوى الفشل الذريع، فلماذا لا نبحث عن وسائل أخرى قد تحمل النفع والخير للرياضة، وتعكس وجهاً مشرقاً للبلد بدلاً من (المرمطة) على غرار ما حدث لنا في هانغجو؟.