مقابر جماعيَّة لشهداء غزّة ونتنياهو يرفض وقف إطلاق النار
القدس المحتلة: وكالات
القاهرة: إسراء خليفة
طهران: محمد صالح صدقيان
لليوم العاشر على التوالي، واصل الاحتلال الإسرائيلي أمس الاثنين استهداف المدنيين في قطاع غزة، فيما أعلنت وزارة الصحة الفلسطينيَّة ارتفاع أعداد الفلسطينيين الذين استشهدوا جرّاء قصف الاحتلال الإسرائيلي قطاع غزة إلى 2750 شهيداً، يجري دفن معظمهم بمقابر جماعية جراء الظروف الكارثية في القطاع.
لليوم العاشر على التوالي، واصل الاحتلال الإسرائيلي أمس الاثنين استهداف المدنيين في قطاع غزة، فيما أعلنت وزارة الصحة الفلسطينيَّة ارتفاع أعداد الفلسطينيين الذين استشهدوا جرّاء قصف الاحتلال الإسرائيلي قطاع غزة إلى 2750 شهيداً، يجري دفن معظمهم بمقابر جماعية جراء الظروف الكارثية في القطاع.
وقصف الاحتلال بشكلٍ مكثف عدداً كبيراً من المنازل والمباني المأهولة بالمدنيين في خان يونس جنوبي قطاع غزة، موقعاً عدداً كبيراً من الشهداء والجرحى، كما تجدّد القصف المدفعي الإسرائيلي العنيف على مختلف المناطق في قطاع غزة، إذ استهدفت مدفعية الاحتلال المنطقة الشرقية والوسطى وشمالي القطاع، كما جرى استهداف شقة سكنية غرب المدينة، بالإضافة إلى استهداف شرقي منطقة رفح في غزة القريبة من المعبر.
وأفادت تقارير خبرية، بأنّه تم تجهيز مقبرتين جماعيتين في قطاع غزة لمواراة جثامين الشهداء الثرى، فلم يعد "دفن الموتى" أمراً سهلاً في قطاع غزة، يمكن قضاؤه في مساحة بضعة أمتار داخل مقبرة، فالمقابر لم تعد تتسع، والطريق إليها مهدّد بالقصف.
أوضاع مأساوية
وأفادت وكالة الأمم المتحدة لغوث اللاجئين "الأونروا" بأنَّ مراكزها جنوب قطاع غزة استقبلت نحو 400 ألف نازح وتقديراتها تشير إلى وجود أكثر من مليون نازح، مشدّدة على أنَّ هناك دماراً غير مسبوق في غزة، وأكّدت الوكالة أنَّ سكان غزة يشربون مياهاً ملوثة، محذّرةً من خطورة ذلك، خاصةً أنَّ احتياجات النازحين تفوق طاقاتنا.
وأكّدت مصادر فلسطينية أنَّ القنابل المستخدمة في قصف غزة ليل الأحد كانت ذات قوة تدميرية عالية، ولم يسبق للعدو استخدامها من قبل.
إلى ذلك، قال مكتب رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو: إنّه "لا وقف إطلاق نار إنسانياً" في قطاع غزة، ويأتي حديثه بعدما تداولت وسائل إعلام إسرائيلية أخباراً عن وقف إطلاق نار بهدف خروج أجانب من القطاع، ودخول مساعدات إنسانية إليه عبر معبر رفح.
وكان رئيس المكتب الإعلامي الحكومي في غزة أكد في وقت سابق، أنّه "لم يتلقَّ حتى اللحظة أيّ اتصالات أو تأكيدات من الجهات بالجانب المصري بشأن نية فتح معبر رفح".
في غضون ذلك، أبدى وزير الخارجية المصري سامح شكري، أمس الاثنين، أسفه لعدم اتخاذ الحكومة الإسرائيلية حتى الآن موقفاً بشأن إمكانية فتح معبر رفح البري من ناحية غزة؛ للسماح بدخول المساعدات أو خروج المواطنين من دول ثالثة.
وأوضح شكري أننا على أتم استعداد لإدخال المساعدات وخروج مواطني دول ثالثة، وأيضاً عمل المعبر بالوتيرة الطبيعية له لإدخال الاحتياجات الطبية للإخوة الفلسطينيين، معرباً عن الأمل في انفراج في هذا الصدد.
يُذكر أنَّ قطاع غزة يعاني حصاراً خانقاً، فاقمه قيام وزير الطاقة الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، بقطع إمدادات المياه من الأراضي المحتلة إلى غزة، إضافة إلى قطع الكهرباء والوقود والغذاء.
اختراق غير مسبوق
في غضون ذلك، كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية عن أنَّ لقطات مصورة مأخوذة من كاميرات مثبتة على رؤوس مسلحي "حماس"، الذين استشهدوا في هجوم السبت الماضي، أظهرت أنَّ المهاجمين كانوا يعرفون كثيراً من المعلومات والأسرار المتعلقة بالجيش الإسرائيلي ونقاط ضعفه.
وفي إحدى اللقطات التي اطلعت عليها الصحيفة وتحققت منها خلال إجراء مقابلات مع مسؤولين إسرائيليين، تبين أنَّ 10 مسلحين من "كتائب القسام" كانوا يعرفون بالضبط كيفية العثور على أحد مراكز المخابرات الإسرائيلية، والدخول إليه.
وتُظهر اللقطات لحظة عبورهم إلى إسرائيل حيث اتجهوا شرقاً على متن 5 دراجات نارية، كل واحدة تحمل مسلحين اثنين، وبعد كيلومترات عدة، انحرفت المجموعة عن الطريق العام إلى منطقة الغابات ليصلوا إلى قاعدة عسكرية، فجروا بعدها حاجزاً بعبوة ناسفة، ودخلوا القاعدة وتوقفوا لالتقاط صورة شخصية جماعية، ثم أطلقوا النار على جندي إسرائيلي.
وتقول الصحيفة: إنه للحظة، بدا أنَّ المهاجمين غير متأكدين من المكان الذي سيتوجهون إليه بعد ذلك، لكنَّ أحدهم أخرج من جيبه خريطة مفصلة للقاعدة وبالألوان، جرى بعدها إعادة توجيه المجموعة ليجدوا باباً مفتوحاً لمبنى محصن، وبمجرد دخولهم، وصلوا لغرفة مليئة بأجهزة الحاسوب في مركز الاستخبارات العسكرية، وكان هناك جنديان إسرائيليان يحتميان تحت سرير في الغرفة، جرى قتلهما بعد ذلك بالرصاص.
وتشير الصحيفة إلى أنَّ هذه اللقطات، التي وجدت في الكاميرا المثبتة على رأس أحد مسلحي "حماس" الذي استشهد في ما بعد في الاشتباكات، توفر تفاصيل وصفتها بـ"المرعبة"، عن كيفية تمكن "حماس" من مفاجأة أحد أقوى الجيوش في الشرق الأوسط والتغلب عليه، بحسب وصفها.
وتضيف الصحيفة، أنه من خلال التخطيط الدقيق والمعرفة غير العادية بأسرار إسرائيل ونقاط ضعفها، تمكنت "حماس" وحلفاؤها من اجتياح جبهة إسرائيل من غزة بعد وقت قصير من الفجر، وتضيف أنَّ المهاجمين استخدموا طائرات مُسيّرة لتدمير أبراج المراقبة والاتصالات الرئيسة على طول الحدود مع غزة، مما أثر في أداء الجيش الإسرائيلي.
قتلى إسرائيل
في سياق متصل، أعلنت وزارة الصحة الإسرائيلية أمس الاثنين إصابة 3968 إسرائيلياً بجروح متفاوتة منذ بدء عملية "طوفان الأقصى" التي أطلقتها حركة "حماس".
وقالت الوزارة في بيانها: "حتى الساعة 10:30 (بالتوقيت المحلي) صباح الاثنين، لا يزال 351 شخصاً يتلقون العلاج في المستشفيات، نتيجة إصابتهم بجروح منذ هجوم (حماس) المدمر على إسرائيل"، وذكرت أنَّ "بينهم 89 في حالة خطيرة، و181 في حالة متوسطة، و81 في حالة جيدة"، وأنه "تم نقل 3968 مصاباً إلى المستشفيات منذ 7 تشرين الأول".
ولم تعلن الصحة الإسرائيلية عن حصيلة القتلى، إلا أنه حسب المعلومات الأولية قتل ما يزيد على 1400 إسرائيلي، فيما أعلن الجيش الإسرائيلي مقتل 291 عسكرياً.
بدورها، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية سقوط 2750 شهيداً ونحو 9700 جريح في قطاع غزة، بالإضافة إلى 58 شهيداً وأكثر من 1250 جريحاً في الضفة الغربية المحتلة.
جولة بلينكن
وفي الحراك الدبلوماسي، عاد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن- أمس الاثنين- إلى إسرائيل في إطار مساعي واشنطن لما تسميه خفض حدة التوتر ومنع مزيد من التصعيد في غزة، وذلك بعد أن التقى أمس الأول الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وقبله ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
وتأتي زيارة بلينكن بينما أفاد مصدر مطلع بأنَّ مسؤولين أميركيين وإسرائيليين يناقشون إمكانية قيام الرئيس الأميركي جو بايدن بزيارة إسرائيل في وقت قريب بدعوة من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
وأشار الوزير الأميركي إلى أنَّ لقاءه ولي العهد السعودي- الذي علّقت بلاده مؤخراً مباحثات التطبيع مع إسرائيل على خلفية الحرب- كان "مثمراً للغاية"، وفي القاهرة، التقى بلينكن الرئيس المصري الذي قال: إنَّ "رد الفعل الإسرائيلي تجاوز الدفاع عن النفس إلى العقاب الجماعي".
وقال بلينكن في القاهرة وعواصم عربية أخرى زارها سابقاً، إنه سمع "الكثير من الأفكار الجيدة" خصوصاً في ما يتعلق بتقديم المساعدات لسكان غزة البالغ عددهم 2.4 مليون نسمة، كما نفى وزير الخارجية الأميركي إمكانية طرد الفلسطينيين من قطاع غزة، قائلاً: إنها "فكرة محكومة بالفشل".
على صعيد آخر، حذر مسؤولون أميركيون كبار من احتمال تصاعد الصراع بين إسرائيل وفصائل المقاومة واتساع نطاقه إلى أنحاء الشرق الأوسط، وقالوا إنهم قلقون من احتمال مهاجمة حزب الله اللبناني شمال إسرائيل أو احتمال دخول إيران في النزاع.
وقال مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان- خلال مقابلة مع شبكة "سي بي إس"- إنَّ "ثمة خطراً لتصاعد هذا الصراع وفتح جبهة ثانية في الشمال، وبالطبع، اشتراك إيران"، وردد هذه التعليقات جون كيربي المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، وقال لشبكة "فوكس نيوز" إنَّ البيت الأبيض قلق إزاء "احتمال تصاعد الصراع أو اتساع نطاقه".
في حين طالب المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني بوقف الهجمات الإسرائيلية علی قطاع غزة وإيصال المساعدات الإنسانية للفلسطينيين، عاداً ما يحدث في القطاع "مثالاً واضحاً علی جرائم الحرب وانتهاكاً صريحاً لحقوق الإنسان".
وقال، أمس الاثنين: إنَّ ما تم نقله عن مندوب إيران في الأمم المتحدة بشأن دعم المقاومة الفلسطينية "غير دقيق ومجتزأ من سياقه"؛ مؤكداً موقف إيران الداعم للمقاومة ضد الاحتلال وحق الشعب الفلسطيني الشرعي والطبيعي في مواجهة الكيان المحتل.
واعتبر وزير الداخلية الإيراني أحمد وحيدي أنَّ صمت الغرب وإغماض أعينه أمام جرائم الكيان الصهيوني له عواقب مهمة ويمكن أن ينقل معادلات المنطقة إلى اتجاه جديد.
وانتقد كنعاني "الوجه الزائف للمطالبين بحقوق الإنسان الذين يصمتون أمام جرائم الحرب الصهيونية في قطاع غزة"، مشيراً إلى أنَّ المجتمع الدولي والإنسانية تشهد ظروفاً مؤلمة في قطاع غزة ملطخة بدماء الأطفال والنساء والمدنيين الفلسطينيين الذين استشهدوا على يد الصهاينة.
وقال إنَّ الوضع حساس ومقلق للغاية، وإذا لم تتم إدارة الأزمة فمن الممكن أن يمتد حجم الأزمة إلى خارج حدود فلسطين وتجد له أبعاداً إقليمية ودولية؛ منتقداً سلوك الحكومة الأميركية بإرسال أسطول عسكري إلى مياه المنطقة "الذي لا يعني سوى دعم الظالم بشكل منفرد ضد المظلوم".
وفي تصريحات لقناة "الجزيرة" القطرية، حذّر وزير الخارجية الإيراني حسين عبد اللهيان من أنَّ بلاده قد تتحرك، وقال إنهم نقلوا رسالة إلى المسؤولين الإسرائيليين عبر داعميهم بأنه "إذا لم توقف إسرائيل جرائم الحرب والإبادة الجماعية فلا يمكن لإيران أن تقف موقف المتفرج"، وحذر من أنه "إذا اتسع نطاق الحرب فإنَّ خسائر فادحة ستلحق بأميركا أيضاً".
مواقف دولية مشرفة
وقوبلت حملة القصف والتصعيد الإسرائيلي على قطاع غزة برفض صريح وتضامن من قبل قادة دول عدة مثل كولومبيا وجنوب أفريقيا وماليزيا التي رفضت "الضغوط الغربية" من أجل التنديد بحركة المقاومة الإسلامية (حماس) وحصار القطاع.
فقد قال رئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم إنَّ بلاده لا تتفق مع الضغط الغربي للتنديد بحركة "حماس"، مشيراً إلى أنَّ دولاً غربية وأوروبية طلبت مراراً من ماليزيا في اجتماعات التنديد بالحركة، دون تقديم تفاصيل.
بدوره، لوّح الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو بـ"تعليق العلاقات الخارجية مع إسرائيل"، مؤكداً أنَّ بلاده سترسل مساعدات إنسانية إلى سكان قطاع غزة، من جانبه، عبّر الرئيس الجنوب أفريقي سيريل رامافوزا عن دعمه للقضية الفلسطينية، ونشر مقطع فيديو عبر حسابه بمنصة "إكس" أظهر ارتداءه للكوفية الفلسطينية وحمله عَلم دولة فلسطين.
وشهدت عدة عواصم ومدن حول العالم تظاهرات للتضامن مع الشعب الفلسطيني، أعرب المشاركون فيها عن استنكارهم للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
ففي الولايات المتحدة، تظاهر مئات الفلسطينيين والعرب والنشطاء الأميركيين في مدينة دالاس بولاية تكساس ومدينة شيكاغو دعماً لأهالي غزة، وهتفوا لحرية الشعب الفلسطيني، منددين بجرائم الإبادة التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي بحق السكان المدنيين المحاصرين، كما خرجت تظاهرات أخرى في بون وبرلين وكوبنهاغن وأمستردام ومدريد.