الطوفان مستمر من نوحٍ إلى ما بعد الأقصى

آراء 2023/10/18
...







 أ.د عامر حسن فياض

طوفان الأقصى مقدمة لإزاحة وجودية لمشروع غربي رأسمالي متوحش عنوانه (دولة) إسرائيل  الذي نجح الاعتراف به عام 1948 ونجح في توسعه ما بعد حرب حزيران 1967 حتى 7 تشرين الأول من عام 2023.. أما بعد هذا اليوم فإن هذا المشروع وصانعيه في منتهى القلق على وجوده، الذي أخذ يتآكل من دواخله وخوارجه.
نعم كانت الكلمة الأولى لطوفان نوح وستكون الكلمة الأخيرة لطوفان ما بعد الأقصى مروراً بطوفان الأقصى.
فلقد أثبت طوفان الأقصى أن أهل فلسطين ليسوا بحاجةٍ إلى من دينهم الإسلام، بل إلى مقاومين مسلمين، وأثبتوا أنهم ليسوا بحاجة إلى عرب جنسية، بل إلى عرب مقاومة، كما أثبتوا أنهم ليسوا بحاجة إلى إدعياء الحرية والديمقراطية ،بل بحاجة إلى سواعد حركات التحرر الوطني في العالم.
إن طوفان الأقصى هو الذي ينبغي أن يكون الربيع العربي، بل والربيع الإسلامي، وبل الربيع العالمي، ودون ذلك فإن العرب، وكذلك المسلمون وكل الأحرار في العالم سيكونون كحظيرة نعاج، كما يسميهم الإعلام الصهيوني الإسرائيلي والأمريكي والغربي
عموماً.
نقول لكل القابضين على السلطة في بلاد العرب وبلاد الإسلام، لماذا تطبّعون وأنتم على وفاق مع إدارات الأمريكان سادتكم وسادة الكيان؟
على الاقل أزعلوا على سادتكم، الذين سيخذلونكم ولا يحمونكم، عندما تترى طوفانات التحرر الوطني في فلسطين وبلدان وشعوب عالم الجنوب العربيَّة والإسلامية.
ان سادتكم وسادة الكيان يحكمهم اليوم بايدن صاحب المغالطات والبكائيات المصطنعة، ليمارس التضليل الإعلامي  لتبرير التوحش العدواني الصهيوني على أطفال ونساء وشيوخ غزة بسرديات تضليلية تعبوية، لشيطنة المقاومة أمام الرأي العام الغربي، وهذا الرأي لم يكن ولن يكون العامل الحاسم في إزاحة صورة الهزيمة عن المشروع الصهيوني الغربي، الذي سيهزم في فلسطين المحتلة.
إنها حرب حركة تحرر وطني فلسطيني لا تقبل دعم صوتي عربي وإسلامي، والكيان يرفل بالدعم المادي والمخابراتي والمشاركة المسلحة من الغرب الأمريكي والأوروبي.
وكل حياد عربي وإسلامي إزاء ما يحصل في غزة هي مشاركة بامتياز مع العدو الصهيوني، وليعلم الجميع أن غطرسة العدو لأكثر من سبعين عاماً دفعت الشعب الفلسطيني المقاوم إلى عبور غلاف غزة نحو أرض فلسطين المحتلة، بعد أن أصبحت محكومة من عصابات رأسمالية خنزيرية تستهلك وتستجدي الأمن والحماية، وهي تمتلك المال والسلاح لأنها لا تمتلك إرادة القتال يقابلهم من يمتلكون إرادة المقاومة.
وعلى أمريكا التي قدمت كل شيء، ولم يبقَ شيء لم تقدمه لهذا الكيان عليها أن تصحى وتتخلص من هذا العبء الاستعماري العتيق، لأن طوفان الأقصى هو بروفة لطوفانات فلسطينية وغير فلسطينية أقوى.
إن طوفان الأقصى سيظل التعبير عن قيادة وسيطرة متقدمة لأبناء الأرض، وهم على إصرار دائم بتحرير أرضهم.. وسيظل معركة تحرر وطني يواجه آخر إشكال الاستعمار الاحتلالي، الذي لا يهاب غير لغة المقاومة وسلاح المقاومة وإرادة المقاومة من شعب يطمح كغيره من شعوب العالم إلى الحرية والعدالة عبر طوفان، سيكون له ما بعده.
إن ما بعد طوفان الأقصى لن يكون مثل ما قبل طوفان الأقصى.. إنه طوفان سيجعل ممن يتغطى بغطاء التطبيع مع إسرائيل عريانا بلا حول ولا قوة.
وليعلم كل من أراد أو يريد التطبيع فسكت أو وقف على الحياد، إن طوفان الأقصى لن يتوقف بل سيتجدد ويتطور ويتمدد، لأنه نقلة نوعية لا رجعة عنها في مسار المقاومة المستديمة، التي صدمت من لم يتوقع صدمه، حيث أصبح للمقاومة أسلحة التخطيط والتعبئة والتحضير الاستخباري والتسليحي المتنوع، والتنفيذ المباغت والاختيار المكاني والتوقيت الزماني السليم، لانطلاق الطوفان على العدو.. وكل ذلك صنعته سرية التحضير الطويل والمكان وزمان الانطلاق، واستخدام التكنولوجيا المسلحة من مسيرات انتحارية وأخرى مضمونة العودة، ناهيك عن الصواريخ الدقيقة التصويب التي جعلت العدو يتخلى عن حقيقة أعماله الهجومية العدوانية المباشرة، لتتعرى حقيقة أعماله العدوانية وبنك أهدافه المتمثلة بالمباني الخدمية والسكنية المدنية، بفضل (الكرم) الأمريكي المسلح، الذي لا يخيف من يقاوم، بل يشجع ويخيف كل من لا يقدم الدعم لصانع طوفان الأقصى.