الفلسطيني محمد الرّكوعي: المقاومة بالألوان

ثقافة 2023/10/18
...

  حاورته: رندة حلوم

ارتبط اسم الفنان التّشكيلي الفلسطيني محمد الرّكوعي الذي ولد في العام 1950، بعد النكبة جورة عسقلان، بالمقاومة ضد الاحتلال، وبمخيم الشاطئ في غزة، وبمعتقل عسقلان خاض غمار المقاومة، فكان قائداً فيها حصل على ثلاثة أحكام مؤبدة من سلطة الاحتلال، خرج من الأسر عبر عملية الجليل، وتابع مسيرة الفن المقاوم باللون  والصورة.

* لنبدأ من مخيم الشاطئ غرب غزة واللوحة الأولى سقوط العدوان بمدفعيَّة فلسطين؟
- ذاكرتي مرتبطة دائماً بما ذكره أبي وأمي عن القرية، وعن حياتنا قبل النّكبة وقبل اللّجوء، وأنا كطفل عشت مرارة اللّجوء والاحتلال، وأوّل منظر رسمته، وما زال في ذاكرتي كان لطائرة تُغِيرُ على قطاع غزة ضربتها المدفعيَّة وسقطت في البحر أمام عيني، فأنا بدأت في الرّسم من أوج الحرب وتابعت في الفن الذي يحمل قضية فلسطين إلى الدّنيا. كُنّا صغاراً في المخيمات ونشأنا على فكرة المقاومة، وكنا نحب الحرب، لأنّها من الممكن أن تعيدنا إلى بلادنا.

* كيف تطورت كفنانٍ من هذه اللوحة لمشهد في ذاكرة الحرب إلى فنان أكاديمي؟
- كنت مشدوداً لرسم أختيَّ الكبيرتين، وكان يشدني أيضاً ما يرسمه الشبّان على الجدران من الفحم في المخيم، فكنت أسأل نفسي وأنا صغير كيف لهذا اللون الأسود أن يتحول إلى طائرة أو إنسان، وعندما كبرت قليلاً كنت أقلّد ما يرسم على رزنامة المدرسة للفنان الفلسطيني الراحل إسماعيل شموط، وبعدها صقلت موهبتي في دار المعلمين وأصبحت مدرِّساً للفنون في مدرسة فلسطين.

* كيف ذهب الفنان محمد الرّكوعي إلى درب المقاومة وأصبح رمزاً من رموزها العربيَّة؟
- الاحتلال واغتصاب فلسطين ولَّدَ حقداً لدينا نحن اللاجئين، لذلك ومع بداية المقاومة انضممت إليها كفدائي، ومن ثمَّ قائداً لمجموعة وبعدها قائداً للمخيم، واعتقلت من خلال العمل الفدائي عام 1973 استمرت محاكمتي 26 جلسة، حكم عليَّ بعدها بثلاثة أحكام مؤبّدة، وكان من المفروض أن أقيم بقية حياتي في معتقل عسقلان.

* أكثر من 400 لوحة رسمت في المعتقل.. لنتحدث عن لوحات عسقلان؟
- لوحات معتقل عسقلان كانت استمراراً في المقاومة رسمت فيها السجن والسنونوات والقضبان والوجوه والألوان وحملتها ما بداخلي من صور وأفكار ومشاعر، بدأت أرسم على ورق المحارم، ومن بعدها على القماش الأبيض، وبدأ فنانو الخارج بتأطير أعمال معتقل عسقلان من خلال إقامة معرضٍ في المركز الثقافي السوفيتي العام 1984، وقد لفتت في وقتها اهتمام الفنان الراحل فاتح المدرّس وأشاد بها وبتجربتي.

* في هذه الحرب المسعورة على غزة اليوم وأنت خارج فلسطين كيف تشعر كفنان وكمقاوم؟
- مازال لي أهل في غزة وما زالت غزة في داخلي وإن كنت خارجها.. أنا حُكِمْتُ مدى الحياة نتيجة المقاومة ورسمي في السجن أوجد حدثاً كبيراً، رسمت أربع مئة لوحة، أنا انتقلت في عسقلان إلى المقاومة بالألوان.. لأننا شعب متطور ولسنا مادة خام تستهلكها أوربا.
السياسة اختصار واختزال للاقتصاد، نحن كفلسطينيين كبَّدنا الاحتلال في الحرب الأخيرة خسائر فادحة، وحربهم على غزة لها ثمن وهو ومكلف للعدو، وهنا نهاية المستعمر فالحرب أمام أي شعب مقاوم مكلفة، فالشعب الفلسطيني قدم مليون أسير وأنا منهم، بعد معركة الطوفان تغيّرت المنطقة واحتمال أن يكون هناك طريقة تفكير بتغيير الأساليب.