زيد الحلي
زميلة عزيزة سألتني عن معنى عبارة (اختلط الحابل بالنابل) التي يكثر إيرادها في مقالات الصحفيين والكتَّاب، فأخبرتها بالمعنى، لكنَّ تساؤلها أخذ يرنُّ في أذني، فسألت نفسي: ماذا حدا بنا حتى ضيّعنا “لحانا” بين الحابل والنابل”؟ ثم من يكون هذا الـ”الحابل” وذاك الـ”النابل” حتى نستسلم لهما، ونركع أمامهما، وهما مجرد كلمتين، جاء بهما زمن القتال بالخيول والسيوف والنبال الرماح، لوأد البسمة في شفاهنا، بحيث يأتي بهما الكتّاب دلالة على الفوضى والتخبط في قراراتنا وسلوكنا!.
دائماً يؤكد “النابل” أنَّه ومجموعته، طائر السعد لنا،
ولا خلاص للمشكلات إلا بخارطة طريق وضعت
من قبلهم، بينما يصرحُ
“الحابل” بأنَّه وجماعته صمام الأمان وطاردٌ لكل من يريدُ الأذى بالمجتمع .
أما نحن أصحاب الشأن، فلا حول لنا ولا قوة، فقد باعنا (الحابل والنابل) بأقل الأسعار، وبقينا أسرى التيه وسراب صحراء لا حدود لها.. لقد وضعوا أدغمتنا تحت جبالٍ من الثلوج، وحنطوا أفكارنا ورؤانا، في سراديب الجهالة، ودفنوا مشاعرنا في أرضٍ سبخة تفتقرُ الى بصيص ضوء.
لقد ابتلى الناس بـ”الحابل والنابل” وصبروا وعانوا واحتسبوا وتألموا، رافقهم مرض الوعود والآمال “السرابيَّة” سنيناً فما ضجروا، وسكن الألم أجسادهم عقوداً فما جزعوا.
علينا أنْ نكافح (الحابل والنابل) وتوابعهما، ونبتعد عمَّن يكرس في عقولنا ثقافةَ الخوفِ والجهالة، فالرِّضا بالخوف ظلمٌ للنفس، لأنَّه عندما يشعر الإنسان بالظلم، فإنَّه يفقدُ بالضرورة الشعور بالحريَّة.
إنَّ إرادة المجتمع، هي التي تغير وجه التاريخ، فكم من (حابل ونابل) خربوا أوطاناً ومارسوا كل ألوان القهر على مجتمعاتهم من تضييقٍ لسبل العيش وتخريبٍ للتعليم، وتأجيج روح الفرقة، لكنهم انتهوا الى مزابل التاريخ، وبدأت مسيرة الحياة من جديد.
يبقى الأمل راية عليا، بعيداً عن منغصات الحابل
والنابل.