مليون طفل فلسطيني يواجهون الموت عطشاً

قضايا عربية ودولية 2023/10/23
...

 القدس المحتلة: وكالات

دخل العدوان الصهيوني على غزة أمس الأحد أسبوعه الثالث واليوم السادس عشر من ملحمة "طوفان الأقصى" التي تخوضها المقاومة، مخلفاً 4 آلاف و385 شهيداً بينهم أكثر من 1756 طفلا و976 امرأة، بالإضافة إلى أكثر من 13 ألف مصاب، مقابل أكثر من 1400 قتيل صهيوني، حيث كثف طيران الاحتلال غاراته على قطاع غزة المحاصر موقعاً عشرات الشهداء والجرحى، وفيما أعدت الإدارة الأميركية مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي تعلن فيه دعم دولة الاحتلال ودون الإشارة إلى وقف إطلاق النار، أبدى 100 عضو بالكونغرس الأميركي عدم رضاهم على سياسة بايدن في الصراع وإهماله الجانب الفلسطيني من الصراع الدائر.

وأعلنت الحكومة بقطاع غزة، سقوط أكثر من 55 شهيداً ليل السبت/الأحد جراء الغارات الصهيونية، مع تكثيف قوات الاحتلال ضرباتها على القطاع المحاصر، وأفاد رئيس مكتب الإعلام الحكومي سلامة معروف، بتدمير "أكثر من 30 منزلاً".

وفي الضفة الغربية، قتلت قوات الاحتلال 5 فلسطينيين فجر أمس الأحد، وقالت وزارة الصحة الفلسطينية: إنَّ ذلك رفع عدد الشهداء الفلسطينيين في الضفة إلى 90 شهيداً منذ بداية الحرب على قطاع غزة، وأفاد الهلال الأحمر الفلسطيني باستشهاد شابين وإصابة 5 في قصف نفذته طائرات الاحتلال فجراً على مسجد الأنصار في حي الدمج بمخيم جنين.

من جانبه، زعم الجيش الصهيوني وجهاز الأمن العام (الشاباك) في بيان مشترك أن طائراته "دمرت مسار نفق تحت الأرض في مسجد الأنصار"، وأضاف أنَّ "خلية تخريبية مشتركة لـحماس والجهاد الإسلامي كانت داخل النفق وكانت مسؤولة عن سلسلة من الهجمات التي تم تنفيذها في الأشهر الأخيرة"، بحسب مزاعمه.

ويعد قصف أهداف في الضفة بالطيران الحربي الصهيوني، أمراً غير معتاد، وكانت المرة الأخيرة التي أقدمت فيها الدولة العبرية على ذلك في الثالث من تموز الماضي، ووقتها، وللمرة الأولى منذ نحو 20 عاماً، أطلقت مروحية من طراز "أباتشي" صواريخ لتأمين عملية إنقاذ قوات وآليات عسكرية وقعت في كمين مُحكم في جنين.

من جانب آخر، قتلت قوات الاحتلال مواطناً في قرية طمون قرب طوباس شمال شرق الضفة الغربية، وفلسطينيا رابعاً في مخيم عسكر شرق مدينة نابلس خلال اقتحامها المنطقة، وسقط الشهيد الخامس برصاص الاحتلال في بلدة قباطية.

وكانت قوات الاحتلال قد اقتحمت عدة مناطق بالضفة الغربية فجر أمس الأحد وشنت حملة اعتقالات واسعة، في حين شهدت العديد من المناطق مواجهات بين المواطنين وقوات الاحتلال.

كما شنت مجموعة من المستوطنين المتطرفين هجوماً على منازل الفلسطينيين في بلدة حوارة جنوب نابلس، وتمكن بعضهم من إضرام النيران في سيارات المواطنين تحت حماية قوات الاحتلال الموجودة بكثافة في البلدة المحاصرة منذ بدء الحرب على غزة.


صواريخ المقاومة

ودخلت معركة "طوفان الأقصى" أمس الأحد، يومها السادس عشر على التوالي، ولا تزال المقاومة الفلسطينية تطلق رشقاتها الصاروخية باتجاه الأراضي المحتلّة دون توقف، مستهدفة العمق الصهيوني، ومستوطنات "غلاف غزة".

وأعلنت كتائب القسّام استهدافها "تل أبيب"، وتحشيداتٍ قرب "مفكعيم" برشقة صاروخية، رداً على المجازر الصهيونية في قطاع غزة والضفة الغربية.

بدورها، قالت كتائب شهداء الأقصى: "ما زال مقاتلونا الأبطال في سلاح المدفعية يدكون بحمم الهاون من العيار الثقيل المواقع والحشودات العسكرية المحاذية للقطاع حيث كان يسمع صراخ جنود العدو وذلك ضمن معركة طوفان الأقصى".

كتائب المقاومة الوطنية - قوات الشهيد عمر القاسم، من جهتها أكدت استهداف موقع إسناد "صوفا" العسكري بعدد من قذائف الهاون، وأطلقت أيضاً، رشقة صاروخية باتجاه "أسدود" المحتلّة، و"كريات ملاخي" و"كريات غاد" و"بيت شيمش". 

وأفادت وسائل إعلام عبرية بدوي صفارات الإنذار في عسقلان المحتلّة و"غلاف غزة"، كما في "غوش دان"، و"ريشون لتسيون"، و"بيت يام" و"هشفيلا". 


خسائر صهيونية

ومن جهة الخسائر البشرية في صفوف الاحتلال، اعترف متحدث باسم الجيش الصهيوني بارتفاع عدد الأسرى لدى المقاومة الفلسطينية  إلى 212 أسيراً.  

وفي رقم لافت، صرّح جيش الاحتلال أن أكثر من 1200 جنديٍ جريحٍ يصنفون على أنهم "معاقون"، في هذه المعركة مع المقاومة الفلسطينية. وفي هذا السياق، كشف موقع "تايمز أوف إسرائيل" العبري، أنّ 1210 جنود أصبحوا حديثاً، منذ 7 تشرين الأول، تحت رعاية قسم إعادة التأهيل التابع لوزارة الأمن الصهيونية وجمعية المحاربين القدامى المعاقين. 

أمّا "القناة السابعة" العبرية، فنقلت عن وزارة صحة الاحتلال أنّ  299 جريحاً، ما زالوا في المستشفيات منذ معركة "طوفان الأقصى"،  بينهم 47 حالتهم شديدة، 178 متوسطة، و87 طفيفة. وأضافت أنّه لغاية الآن أُخلي إلى المستشفيات 5132 مصاباً.


استهداف بيوت الله

إلى ذلك، أعلن مكتب الإعلامي الحكومي في غزة، أمس الأحد، أنَّ الغارات الصهيونية دمرت 31 مسجداً بشكل كلي، وتضررت 3 كنائس "بشكل بليغ" منذ 7 تشرين الأول الجاري.

كما قالت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية في غزة، عبر بيان مقتضب الأحد: "الاحتلال الصهيوني دمر خمسة مساجد تدميراً كلياً؛ ما يرفع حصيلة المساجد المدمرة كلياً منذ بدء العدوان على غزة إلى 31 مسجداً"، دون مزيد من التفاصيل.


الموت عطشاً

في غضون ذلك، أعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسيف" أنها نقلت أكثر من 44 ألف قارورة من مياه الشرب إلى قطاع غزة عبر معبر رفح أمس الأول السبت، لكن هذه الكمية لا تكفي إلا لـ22 ألف شخص ليوم واحد فقط.

وقالت كاثرين راسل، المديرة التنفيذية لـ"اليونيسف" في بيان صحفي نشرته المنظمة: "بوجود مليون طفل في غزة يواجهون الآن أزمة حماية وأزمة إنسانية حرجة، فإن إيصال الماء هو مسألة حياة أو موت، وكل دقيقة مهمة".

وأضافت: "هذه الدفعة الأولى المحدودة من المياه ستنقذ الأرواح، لكن الاحتياجات عاجلة وهائلة - ليس فقط للمياه، ولكن للغذاء والوقود والأدوية والسلع والخدمات الأساسية أيضاً. وما لم نتمكن من توفير الإمدادات الإنسانية بشكل مستمر، فإننا نواجه تهديداً حقيقياً بتفشي الأمراض التي تهدد الحياة".

وبعد أن تحولت أجزاء كبيرة من البنية التحتية في غزة، بما في ذلك أنظمة المياه والصرف الصحي الحيوية، إلى ركام خلال نحو أسبوعين من القصف الصهيوني، لم تعد تبلغ القدرة على إنتاج المياه إلا 5% من المستويات العادية، ويعيش سكان غزة البالغ عددهم نحو 2.3 مليون نسمة الآن على أقل من 3 لترات من الماء للشخص الواحد يومياً.

ونزح نحو مليون شخص، نصفهم تقريباً من الأطفال، ولجأ العديد منهم إلى ملاجئ مكتظة مع إمكانية محدودة للغاية للحصول على المياه والصرف الصحي والنظافة، وهي ظروف تشكل خطورة خاصة على الأطفال الصغار.

يذكر أنَّ الدولة العبرية وافقت على إدخال دفعة صغيرة من المساعدات الإنسانية إلى غزة عبر معبر رفح، لكنها تمنع وصول الوقود.


قوة اغتيالات

من جانب آخر، أفادت وسائل إعلام عبرية بأن الأجهزة الأمنية الصهيونية أنشأت وحدة جديدة مهمتها العثور على كل فرد شارك في الهجوم الذي نفذته "حماس" في 7 تشرين الأول الجاري والذي أسفر عن مقتل أكثر من 1400 صهيوني.

وذكرت صحيفة "جيروزاليم بوست" أنه في إطار الجهود المستمرة التي تبذلها تل أبيب لتعقب جميع المتورطين في هجوم 7 تشرين الأول، أنشأ جهاز الأمن الداخلي "الشين بيت" (الشاباك) وحدة جديدة اسمها "نيلي"، وهو اختصار باللغة العبرية يُترجم إلى "خلود إسرائيل لن يكذب"، وهو اسم تبنته شبكة جواسيس يهود، عملت لصالح المخابرات البريطانية في حربها ضد الإمبراطورية العثمانية في فلسطين، أثناء الحرب العالمية الأولى. وتختص هذه الوحدة، التي ذكرت تقارير أنَّ "الموساد" أيضاً شارك في تشكيلها، في مطاردة وتصفية كل من شارك في الهجوم التي شهدتها مستوطنات غلاف غزة قبل أسبوعين. وتم تشكيل هذه الوحدة خصيصاً لاستهداف أعضاء قوة النخبة (وحدة كوماندوز خاصة داخل الجناح العسكري لـ"حماس") الذين تسللوا إلى الأراضي المحتلة ونفذوا عمليات قتل في قرى مختلفة ومواقع للجيش الصهيوني، ثم عادوا بعد ذلك إلى قطاع غزة.

وحسب "جيروزاليم بوست"، فإن أعضاء المنظمة الجديدة سيعملون بشكل مستقل عن وحدات القيادة والسيطرة الأخرى التي تركز على تحييد الخلايا الضاربة والقياديين رفيعي المستوى في الفصائل الفلسطينية، وأشارت الصحيفة إلى أنَّ مهمة "نيلي" متميزة، حيث تضم الوحدة كلاً من العاملين الميدانيين وموظفي المخابرات.

وزير الدفاع الصهيوني يوآف غالانت، ذكر أنَّ جيشه يعمل على قلب معادلة الحرب وإبادة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بعد هجومها المباغت، بحسب زعمه.

وفي حديثه لعدد من جنود جيش الاحتلال، خلال تفقده جاهزية قواته على الحدود مع لبنان، قال غالانت: إنَّ الحرب التي بدأتها حماس قبل أسبوعين هدفها "القتل والخطف والمساس بنسيج الحياة في دولة (إسرائيل)، واستهدفت أبناء الناجين من المحرقة النازية، وقامت بتصويرها وبثها لردع دولة إسرائيل من قبل منظمة حماس"، وفق مزاعمه.

وأضاف أنهم سيعملون على قلب هذه المعادلة 180 درجة، وأنه سيتم تذكّر اليوم الذي بدأ فيه الهجوم (7 تشرين الأول) على أنه اليوم الذي بدأت فيه إبادة نهائية ومطلقة لمنظمة "حماس"، على حد تعبيره، وأشار غالانت إلى أن حزب الله اللبناني سيدفع أثماناً باهظة، لأنه قرر المشاركة في الحرب إلى جانب حركة "حماس".


جهود دبلوماسية

في المواقف الدولية، دعا تشاي جون، مبعوث الحكومة الصينية الخاص إلى الشرق الأوسط، الأمم المتحدة إلى عقد مؤتمر سلام مؤثر وواسع النطاق لحل النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي في أسرع وقت ممكن.

أفاد بذلك، الموقع الرسمي لوزارة الخارجية الصينية، وذكر أنَّ تشاي جون شارك في قمة القاهرة للسلام يوم 21 تشرين الأول، التي عقدت بمبادرة من مصر، وقال المبعوث الصيني: "يجب على الأمم المتحدة أن تسهل عقد مؤتمر سلام دولي أكثر هيبة وتأثيراً وأوسع نطاقاً بأسرع وقت ممكن"، وأشار، إلى أن تصاعد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، أثبت مرة أخرى أنه لا يمكن تجاهل القضية الفلسطينية أو نسيانها.

وشدد المبعوث الصيني، على أن المخرج من الحلقة المفرغة للصراع الفلسطيني الإسرائيلي هو العودة إلى خطة "الدولتين لشعبين"، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.

في المقابل، قال مصدر دبلوماسي في مجلس الأمن الدولي: إنَّ الولايات المتحدة وزعت مشروع قرار يؤكد ما تسميه "حق إسرائيل الأصيل في الدفاع عن النفس" وفق المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة. وأضاف المصدر، أنَّ مشروع القرار الأميركي لا يدعو إلى وقف إطلاق النار أو وقف الأعمال العدائية أو حتى هدن إنسانية في قطاع غزة، الذي تفرض عليه (إسرائيل) حصاراً وتمنع عنه الماء والكهرباء والمواد الطبية منذ أكثر من أسبوعين.

ويطالب مشروع القرار بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع من تحتجزهم حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، ويدعو إلى توفير السلع والخدمات الأساسية بشكل مستمر وكاف ودون عوائق للمدنيين في غزة.

ويطالب مشروع القرار الأميركي إيران بوقف تصدير الأسلحة إلى الجماعات التي تهدد السلام والأمن في جميع أنحاء المنطقة ومنها (حماس)، بحسب مزاعم واشنطن، ولم يتضح بعد ما إذا كانت الولايات المتحدة تعتزم طرح مشروع القرار للتصويت أو متى. 

وكانت الولايات المتحدة استخدمت الأربعاء الماضي "الفيتو" لمنع مشروع قرار قدمته البرازيل في مجلس الأمن يدعو إلى هدنة إنسانية للسماح بدخول المساعدات إلى غزة، كما استخدمت حق النقض "الفيتو" ضد قرار روسي مشابه بحجة أنه لا يدين "حماس".


رسالة الكونغرس

في غضون ذلك، رفع أكثر من 100 من أعضاء الكونغرس رسالة إلى الرئيس الأميركي جو بايدن طالبوا فيها بتحرك أميركي فوري، لمنع وقوع مزيد من الضحايا المدنيين الأبرياء في قطاع غزة.

وأعرب الموقعون عن دعمهم رد واشنطن على الهجوم الذي شنته حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ضد (إسرائيل)، وقالوا: إنَّ رد إسرائيل يجب أن يكون متوافقاً مع القانون الدولي والقيم الديمقراطية المشتركة، وفق تعبيرهم. وأشاروا إلى أن حصيلة الضحايا في قطاع غزة تحتم التحرك على الفور لمنع وقوع المزيد من الخسائر في أرواح المدنيين الأبرياء، وقال أعضاء الكونغرس المئة في رسالتهم: إنَّ الصراع بين الفلسطينيين و(إسرائيل) لا يمكن حله بالوسائل العسكرية.


أزمة أميركية

وكانت إدارة بايدن أعلنت – أمس الأول السبت - أنها طلبت مساعدات عسكرية عاجلة لـ(إسرائيل) وأوكرانيا بقيمة 106 مليارات دولار. وتواجه إدارة بايدن انتقادات عديدة بسبب دعمها غير المشروط للاحتلال الصهيوني في الحرب التي يشنها على غزة، والتي دخلت أسبوعها الثالث وأدت لاستشهاد أكثر من 4 آلاف فلسطيني وجرح الآلاف.

وقد أقر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، بالأثر العاطفي الذي تركته الحرب بين (إسرائيل) والمقاومة الفلسطينية على موظفيه، وسط تقارير إعلامية تحدثت عن التخطيط لعصيان داخل الوزارة احتجاجاً على طريقة تعامل واشنطن مع هذا النزاع.

وقدم المسؤول في وزارة الخارجية الأميركية جوش بول استقالته بسبب تعامل إدارة الرئيس جو بايدن مع الحرب الدائرة في قطاع غزة، وقال: إنه لا يستطيع دعم المزيد من المساعدات العسكرية الأميركية لـ(إسرائيل)، ووصف رد الإدارة الأميركية بأنه "رد فعل متهور" قائم على "الإفلاس الفكري".