يونس جلوب العراف
كل من يتعامل مع السياسة بفكر ووعي متجددين، سيدرك أن الانتخابات المقبلة المزمع إجراؤها في نهاية العام الحالي، ستكون مختلفة عن سابقاتها، والسبب في ذلك هو وجود عاملين مهمين جدا هما توقع قلة نسبة المشاركة في المقام الأول، وكونها مخصصة لمجالس المحافظات التي قد تكون غير ذات مقبولية لدى البعض الذي ربما يرى انها حلقة زائدة مع أنها وعلى الرغم من بعض السلبيات تعد تجربة كبيرة وناجحة في الكثير من تفاصيلها، وأنا هنا أتكلم عن علم، لكوني عملت لفترة في جريدة بغدادنا التابعة لإعلام مجلس محافظة بغداد، وكنت على إطلاع بما يجري فيها وما يمكن أن تقدمه من خدمات للمواطن، من خلال مراقبة عمل المحافظين وأمانة بغداد، فضلا عن وجود تنسيق لها مع الدوائر الخدمية الحكومية الأخرى، فضلا عما يمكن أن توفره من فرص العمل في مقرات المجالس المحليَّة والبلدية.
هناك حالة جديرة بالانتباه، وهي أن المدة التي توقف فيها عمل مجالس المحافظات قد شهدت تزايد حالات الفساد الإداري والمالي حتى سجلت الجهات الرقابية كهيأة النزاهة أرقامًا هائلة والسبب هو توقف الرقابة، التي كانت تفرضها المجالس و مكاتب المفتشين العامين على عمل الدوائر فضلا عن المحافظين، الذين وجدوا الراحة في تسيير اعمالهم دون رقابة أو محاسبة واصبحوا خارج مقصلة الاقالة من قبل المجالس.
المرسومون خارج اللوحة هم الذين لايريدون المشاركة في الانتخابات المحلية وهؤلاء لن يستطيعوا استيعاب وفهم ان ما جرى من اخفاق في عمل مجالس المحافظات السابقة هو نتيجة طبيعية بسبب حداثة التجربة وعدم الاختيار الصحيح لأعضائها، كون انتخاباتها تمت على وفق القوائم المغلقة، بينما ستجري الانتخابات المقبلة وفق قوائم مفتوحة ويمكن من خلالها التعرف على المرشحين، أي أن الطريقة الصحيحة للانتخابات ستكون حاضرة بقوة على مسرح الاختيار، وبعكس ذلك سيزداد الفساد الإداري والمالي لعدم وجود الرقابة على المحافظين وأمانة بغداد.
في الجهة المقابلة وعند متابعتي لبعض الصفحات على الفيسبوك شاهدت العديد من المرشحين يحاولون إيصال صورة عمّا يمتلكون من إمكانيات يرونها مناسبة للعمل في مجالس المحافظات، وهذه الخطوة فيها الكثير من الإيجابيات، التي من الممكن ان تكون طريقا واعدا للتعرف على جودة المرشحين وهي حالة مطلوبة في ظل أزمة عدم الثقة التي نشأت خلال السنوات الماضية بين الكتل السياسية والناخبين وهو أول الخيط الذي يوصل بين ضفتي نهر نجاح العملية الانتخابية.