أخطار تهدد العراق باستهداف المعسكرات والبعثات الدبلوماسية

آراء 2023/11/01
...







 عبد الحليم الرهيمي


ثمة أخطار حقيقية عديدة تهدد العراق حالياً ومستقبلاً، جرّاء تداعيات وانعكاسات العدوان الإسرائيلي المتواصل ‏على قطاع غزة، وفي مقدمة هذه التداعيات هو قيام بعض جماعات (تنسيقية المقاومة) في العراق باستهداف ‏المعسكرات والقواعد العسكرية العراقية، التي يتواجد فيها المستشارون والمدربون من التحالف الدولي، ومن ضمنه ‏الأميركيون، وذلك بذريعة دعم الولايات المتحدة الأميركية، لإسرائيل في حربها ضد الفلسطينيين.‏

لقد اتخذ العراق شعباً وحكومة مواقف منددة بالعدوان، ومؤيدة ومساندة للشعب الفلسطيني في غزة، مثلما ‏اتخذت مثل هذا الموقف العديد من البلدان العربية والإسلامية، وذلك فضلاً عن انطلاق تظاهرات حاشدة ‏ومليونية، دون إدعاء، في العديد من عواصم ومدن دول العالم، والتي عبرت بشعاراتها وأهدافها عن رفضها ‏وإدانتها للعدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين وانتصار بشكل خاص لشعب غزة الأعزل والصامد ضد العدوان ‏الإجرامي المروع، لكن تلك التظاهرات والاحتجاجات الشعبية والرسمية وتأثيرها وأهميتها، لم تقم بأي عدوان أو ‏استهداف للسفارات الأميركية والغربيَّة المتحالفة معها، بل ولا حتى ضد سفارات إسرائيل، التي تقوم بالحرب ‏والعدوان. أن التزام تلك التظاهرات الاحتجاجية ضد العدوان وانتصار الشعب الفلسطيني بالسلمية وبالقوانين ‏والأنظمة السائدة في تلك البلدان، لم يقللا من أهميتها، بل أعطاها أهمية أكبر في توجيه رسالتها للمجتمع الدولي. لذلك فإن استهداف المعسكرات والبعثات الدبلوماسيَّة في العراق، لا يعبر بذلك عن التضامن مع الفلسطينيين ‏وضد أعدائهم، إنما ينطوي، حسب العديد من المراقبين، على حمل القائمين به أجندات أخرى، فضلاً عن إالحاقها الضرر بالعراق، وتعريضه العديد من الأخطار. ‏

لذلك فإن أكثر الأخطار المحدّقة بالعراق تاثيراً من استهداف المعسكرات والبعثات الدبلوماسيَّة، أن يكون هناك ‏رد فعل عسكري أميركي دولي ضد مقرات وتواجد الجماعات المسؤولة، ما سينجم عن ذلك من تداعيات هي ‏الأكثر اثراً من ردود الفعل السابقة لتاثيرها في المواطنين القريبين منها من جهة ولاحتمالات التصعيد والرد ‏عليها بما تستطيع تلك الجماعات.‏ اما الخطر الثاني الذي سينجم عن تلك الاستهدافات، فهو إغلاق السفارة الأميركية في بغداد والقنصلية في أاربيل لمقراتها ومغادرة العراق، والتي سيليها بالتاكيد مغادرة العديد من السفارات الغربية، ولعل إغلاق هولندا ‏لسفارتها في بغداد، هو أحد المؤشرات على ذلك. وبالطبع فإن الخطر السياسي والدبلوماسي الكبير، الذي ‏سيترتب على ذلك، هو مواجهة العراق لعزلة دولية على مختلف الصعد، وبما ينجم عن ذلك من أضرار فادحة ‏به على مختلف المجالات.‏

ونتيجة لكل ذلك كثّفت الولايات المتحدة اتصالاتها بالحكومة العراقية لحثّها على اتخاذ الإجراءات، التي تلجم ‏تلك الجماعات في مواصلة استهدافاتها العدائية. وقد تفهّم رئيس الحكومة واستجاب لدعوات واشنطن بـ (‏تعهده لحماية المستشارين الاميركان)، فأصدر الأوامر لملاحقتهم الامر الذي دعا تلك الجماعات إلى انتقاد هذا ‏الموقف الحكومي وعمدت للتصعيد بتكرار الاستهدافات.‏

الأمر الذي دعا رئيس الحكومة إلى تأكيده على رفض ذلك خاصة بعد انهيار المفاوضات بين حكومته ‏ومهاجمي المعسكرات، والذي أكد بوضوح اكبر خلال مؤتمر صحفي كلامه السابق واضاف عليه القول (‏نحن حريصون على الحفاظ على أمن واستقرار العراق وعلى التزاماتنا، وأن أحد هذه الالتزامات وجود قوات ‏التحالف الدولي) وذلك لأن (الحكومة معنية بحماية أماكن التحالف الدولي وحماية البعثات الدبلوماسية ولا ‏تهاون في هذا الأمر).‏ لا شك أن هذه المواقف الواضحة في موقف الحكومة تجاه الاستهدافات، التي تقوم بها (تنسيقية المقاومة‏) المنخرط بعضها في (الإطار) ومشارك في الحكومة، يشير إلى إدراك الحكومة للأخطار المحدقة حالياً ‏بالعراق جراء ذلك، الأمر الذي يتطلب من جميع الجهات السياسية والاجتماعية وغيرها دعم هذا التوجه، درءاً ‏وتجاوزاً لتلك الاخطار، حفاظاً على أمن واستقرار العراق وشعبه.‏