سياسة (تفويج) المدربين

الرياضة 2023/11/02
...

علي حنون



عندما لا يكون هناك تخطيط أو رؤية منظمة تنسجم مع متطلبات العمل وقياسات حقيقيَّة للحاجة فإنَّ النظر إلى عملية التوازن بين كفتي الحاجة والعدد في أي مفصل، سيأتي بنتائج لا يمكن أن يتقبلها منطق التعاطي مع الطموح، الذي تتبناه كل منظومة، ولكي لا نتشظى بحديثنا وتكون صورة فلسفتنا في هذا الجانب مُشوشة، فإننا لابد من الخوض في عنوان ما ننشد وبالتالي الغوص في تفاصيله، وهو إقامة عشرات الدورات التدريبية بفئاتها وتخريج المئات من الوجوه الفنية دون الأخذ بنظر الاعتبارات حاجة منظومة كرة القدم إلى العدد المطلوب فعليا وبين الأعداد، التي تزداد يوميا، وهذه الموضوعة تمنحنا مُؤشرات واضحة حول الكيفية والآلية المُتبعة في (تفويج) المُدربين إلى ساحة العمل، بعيدا عن واقعية التوازن وقاعدة العرض والحاجة. 

وبلا ريب، فإنَّ هناك علامة استفهام، غالبا ما تطفو على سطح التفكير, ويقينا لسنا فقط من تنبري أمامه، وإنما جُل الأسماء الإعلامية والمعنيين وأيضاً الجمهور، مفادها، هل تُمنح الدورات التدريبية الآسيوية- بتصنيفاتها- الضوء الأخضر لمن يتحصل على شهادتها (الحصانة) التدريبية؟ أو في صياغة أخرى، هل تُعتبر الشهادة الآسيوية (تأشيرة) حقيقية تُعين من يحملها في بلوغ مرحلة متقدمة من الإجادة المهنية؟ الأكيد أنَّ الإجابة عن هذا السؤال تخضع لرؤية متباينة تعتمد على ثقافة وإدراك صاحبها، ومع تسليمنا بأنها جواز المرور لتدريب المنتخبات الوطنية، والأندية التي تحترف فعالية كرة القدم، إلا أننا لا ننظر إلى الأمر من هذه الزاوية، وإنما نعني مدى احترافية الموضوعات، التي تُطرح فيها وأيضا درجة كفاءة، المُدربين المشاركين للتفاعل معها، فكريا وثقافيا.

لقد أثبتت تجارب المشاركات في الدورات التدريبية المذكورة، أنَّ بين الحاصلين على شهاداتها من لم يتمكنوا من نقل مشاهدات واقعية لما تحصلوا عليه في تلك الدورات، ولأسباب، يتعلق أغلبها، بإخفاق المدرب في التوفيق بين الجانبين النظري والعملي، أي إنَّ بعض المدربين تجد جانب (التنظير) لديه عالياً ويجعله يقف عند مرتبة فنان يرسم بأنامله لوحة زاهية بألوان أفضل الأساليب الأدائية المفصلة على إمكانات لاعبيه، لكنه في الاختبارات الحقيقية وأثناء المباريات، تجده غير قادر على التعامل بإيجابية مع أحداث المقابلة مع أنه يجيد قراءة أداء الفريق المقابل.. الذي ننشد قوله, هو أنَّ أمر المشاركة في مثل هكذا دورات، ومع أنه يمنح أي اسم صفة التعامل الرسمي مع الاتحاد الوطني أو الاتحادات الأخرى (القاري والعالمي)، إلا أنه لا يمكن أن يصنع مدربا.

هذه الدورات هي فرص- متاحة- لتطوير أفق وثقافة ومعلومات الموهوبين من المدربين، لأنهم وحدهم من يستطيعون الإفادة منها، في حين أنَّ مشاركة من يحملون فقط صفة مدرب، لن يحصدوا ثماراً يانعة، ذلك أنَّ الهدف الأول لهؤلاء هو الحصول على الشهادة لا غير، وهذه الصورة توضحها إنجازات مدربين يتمتعون بموهبة تدريبية، في صناعة فريق وتحقيق نتائج جيدة معه على المستويين (الأداء الجماعي) و(الجانب المهاري الفردي)، في ذات الوقت الذي، تعثرت فيه أسماء تحمل شهادات تدريبية آسيوية، في إصابة الأهداف المتوقعة لها مع فرق أنديتها.. الذي يعترينا من طموح هو أن نشاهد وجوها موهوبة تدريبيا، تشارك في الدورات التطويرية الاحترافية، لأنَّ حصولهم على مستجدات المعلومات في علم تدريب كرة القدم، ستصل فائدتها، بالنتيجة، لفرقنا الوطنية.