بغداد: هدى العزاوي
رأى مختصون في الشأن المالي ومكافحة الفساد أنَّ تعدّد الجهات الرقابيَّة وعدم حصرها بجهة معينة يُسبب حالة من الإرباك، فضلاً عن التكلفة المالية التي ستتكبدها الحكومة لتعاقدها مع شركات عالمية بهذا الشأن، يأتي ذلك بينما صرّح مستشار رئيس الوزراء للشؤون المالية، مظهر محمد صالح، بأنَّ تعاقد الجهات الحكومية مع شركات التدقيق المالي العالمية الرصينة يمثل قوة تدقيقية دولية تسهم في الحد من ظواهر الفساد المتعدد الأطراف.
مقرر اللجنة المالية النيابية للدورة الرابعة، الدكتور أحمد الصفار بيّن في حديث لـ"الصباح"، أنَّ "شركات التدقيق العالمية- وإن كانت تمتلك خبرات طويلة في عمليات التدقيق والبحث والتحري- إلا أنَّ العراق لا يفتقر لهذه الكفاءات، فالكثير من الخبرات الأكاديمية والمهنية تمتلك الخبرة الكبيرة في أصول المحاسبة والرقابة، فضلاً عن أنَّ هذه الخبرات الوطنية تكون أدرى بتفاصيل الشؤون المالية في العراق".
ولفت إلى أنَّ "مسألة تدقيق المال العام والوصول إلى العدالة والحرص على المال العام والتصدي للفساد؛ تحتاج إلى إرادة حكومية قوية لإنجاح هذه العملية".
وأشار الصفّار إلى نقطة جديرة بالاهتمام تتعلق بتعدد الجهات الرقابية التي قد تسبب حالة من التشتت والإرباك، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإنَّ "الخبرات الوطنية أكثر حرصاً في المحافظة على المال العام من الشركات الأجنبية التي يكون الغرض من التعاقد معها الحصول على الأموال والتي ستكبد الدولة مبالغ كبيرة، وبالتالي ستكون مُكلِفة على العراق"، وأوضح أنه "حفاظاً على المال العام والتقليل من التكلفة والحد من التجاوز على المال العام، يجب الاستعانة بالخبرات الوطنية والكفاءات التي تمتلك معلومات وتفاصيل عن المعاملات المالية".من جانبه، قال مدير "منظمة راصد للنزاهة"، عبد الرزاق السلطاني، في حديث لـ"الصباح": إنَّ "مشكلة تعدد مراكز القرار العراقي وخضوعه للمزاجيات، تركت- وما زالت- الأثر البالغ في إدارة الدولة ومفاصلها المختلفة، وهذه المشكلة انعكست بالضد على بناء المؤسسات بشكل مهني رصين"، وبيّن أنه "من هنا، فإنَّ تعدد الجهات الرقابية مضيعة للوقت وهدر للمال العام، فضلاً عن إضعاف المؤسسات ذات العلاقة، تحديداً (هيئة النزاهة الاتحادية) التي تحتاج إلى مزيد من الدعم الحكومي لتقوم بواجباتها على أكمل وجه، وكان لخطواتها في استرداد الأموال المُهرّبة خارج العراق الأثر الواضح في رعب الكثير من الفاسدين الهاربين خارج وداخل البلاد".
ولفت إلى "أننا عراقيون نثق بمؤسساتنا الوطنية، ومنها هيئة النزاهة"، عادّاً أنَّ "تجربة الاستعانة بالشركات الخارجية والدولية أثبتت فشلها، وكانت للعراق تجربة قبل 3 سنوات عندما استقدم شركات تساعد في جهود مكافحة الفساد وقد استنفدت أموالاً طائلة وجهوداً كبيرة دون جدوى".
وكان مستشار رئيس مجلس الوزراء للشؤون المالية، مظهر محمد صالح، قال أمس الأربعاء، لـ"واع": إنَّ "شركات التدقيق العالمية تمتلك خبرات طويلة في التحري عن المعاملات المالية الأكثر تعقيداً، ولا سيما النشاطات والمعاملات المالية والإدارية ذات الارتباطات الواسعة والمتشعبة والمسماة بالنشاطات المتفرعة ذات الأذرع الطويلة".
وأضاف أنَّ "استخدام قوة تدقيقية دولية إضافية للمراكز المالية المهمة في بلادنا أخذت صورته تتضح في الحد من ظواهر الفساد النظمي المتعدد الأطراف، وأنَّ الآثار الإيجابية لهذا التدقيق الشامل المتعدد الأغراض تمثل بلا شك بعداً جديداً في توفير مناخ مبني بتقييم مستوى الانضباط المالي، إضافة إلى دوره في تقوية مسارات طويلة الأمد تعد ذات أهمية راسخة في الإدارة الحكومية، وتمتد في الوقت نفسه عبر مفاصل النشاطات المالية الحكومية المتشعبة الأغراض في بلادنا".
تحرير: محمد الأنصاري