رنا محمود: لا يمكن الفصل بين اللوحة والقصيدة

ثقافة 2023/11/05
...

 أحمد عساف

«القلق من الظواهر البارزة في الشعر الكوني، لأنَّ الشعر بنظري هو فوضى وأحاسيس ورؤى، لذا فإن القلق الشعري هو من بعض احتياجاته بوصفه اغترابا روحيا يظهر من خلال رحلتي الخيالية التي تكشف توقي إلى إيجاد عالم خفي يحقق ذاتي الإنسانيّة الحرة في القصيدة.. فالطريق مليئة بالعثرات والحيرة تنشر شباكها في كل مكان. وكيف أن كان قلق شاعرة وامرأة حالمة».. بهذه العبارة تحدثت عضوة اتحاد الفنانين التشكيليين رنا محمود التي صدرت لها مجموعات شعريّة، منها (صرخة أنثى، الأرض بعض ظلي، سر نبوءتي، حين ترسمني القصيدة) عبر حوار معها.وقالت عن سبب تكريس اللون الأزرق في فضاء نصوصها ولوحاتها بأن هذا الأمر جاء من دون قصد. «ربما لأنني ابنة البحر.. فالشاعر جزء لا يتجزأ من البيئة التي ينتمي إليها، والطبيعة عامل أساسي ومؤثر في رسم هيكل القصيدة ومعالم اللوحة، أما تمازج زرقة البحر مع فضاء السماء فهما يشكلان بعداً أفقياً، تتم فيه اندماج نواة تلاقحهما». وأضافت محمود: لطالما أنّ البوصلة هي منارة لجهات تقودنا إلى عوالم نعبر عنها بمواقف شعريّة أو تشكيليّة. الشعر هو موقف أو لحظة يعبر عنها الشاعر بما تجيش به قريحته المتأتية من هذا الموقف، أما اللوحة فلها ذاك الوله الذي يشبه إلى حد كبير ولادة القصيدة، فهما موقف ولحظة. ولا يمكنني الفصل بينهما.
وفي السؤال عن سبب ذكرها لجملة شعرية وردت في ديوانها (حين ترسمني القصيدة)، تجيب قائلة أن «هذا ما تبقى لنا من أناشيد الحياة.. نحن الذي أنهكتنا رياح التعب». ولكنها تعود وتذكرنا إلى أن هناك قوة روحية تمنحنا الثبات وتعمق جذورها في العيش والحياة.. وأن مهمة الشعر تسجيل الواقع. هو بطاقة جماليّة وروحيّة تفصح عن مكنونه وجوهره.. هكذا يُعبر عن الحب والحرب بطريقة جمالية، تتماهى مع الإصرار على الحلم والتمسك بالأمل.. الأمل الذي يدفع عنا قسوتها رغم التعب. وتعتقد رنا أن الإعلام المنصف لا بدَّ من أن يتجه إلى أيِّ إنسان، وتحديداً المبدع الحقيقي سواء كان شاعراً أو قاصاً أو روائياً أو مسرحياً الخ.. ودوره الحقيقي في أن يسلط الضوء عليه وينصفه.. وعلى ما يبدو أن مثابرتي وعشقي للشعر وعملي الدؤوب والمستمر على القصيدة، وأيضا التحصيل المعرفي قد أفادني إلى حد بعيد في صقل البناء الفني للقصيدة والمفردة التي تحاكي الصورة الشعريّة، الأمر الذي يعود إلى البريق الإعلامي المسلط على تجربتي في هذا الشأن.. وعن إمكانية قولها لكل ما لديها بعد اصدارها لأكثر من مجموعة شعرية، تجيب بأن «الموت يعني نهاية الحياة.. والحياة بكل ما فيها من جمال وقبح، وأفراح وأحزان.. تبقى في حالة استمرار وتجدد رغم المتغيرات التي تعصف بها، وكذلك الشعر كما الحياة بالنسبة لي دائم التجدد ودائم العطاء.. وهو الملاذ الذي أتنفس من خلاله لأعبر عمّا أحسّ به وأشعر به، لذا فإنّ القلم يسبقني لشحن ورسم الكلمات التي تناسب الحالة، فينساب الشعر متدفقا. وخلاصة ما أريد قوله أني لم أقل بعد ما أرغب قوله، ولديّ الكثير الذي لم أقله بعد.   وفي ما يخص قدرة منافسة الكتاب الالكتروني للورقي.. ترى رنا محمود أن اللذة الحقيقة حين تقرأ كتابا ورقيا وتأخذه معك كصديق إلى غرفة النوم أو إلى الحديقة أو إلى عربة القطار.. وأنت تستنشق عطر ذكرياته وبهجة لون أوراقه ورائحته الحميمة الممزوجة بعذوبة
 كلماته.  لكن ما حدث ويحدث في العالم من فورة تكنولوجية وثورة عاصفة بسرعة المتغيرات، لا سيما أن المعلومة أصبحت بلمح البصر بين يديك، وغدا العالم قرية صغيرة ومكتبة متنقلة، ولا حاجة لمكتبة أو مركز لمعلومة تحصل عليها بسهولة، بمعنى أن أي كتاب يصدر وفي أي مكان يكون بين يديك براحة وبلا تكلفة، من هنا تعتقد رنا أن الكتاب الالكتروني سيكون في الأعوام المقبلة هو المهيمن على الرغم من أنني أتمنى أن ينتصر الكتاب الورقي على
الالكتروني. وأخيراً.. تضع رنا محمود تقييم تجربتها في المشهد الشعري السوري للنقد والنقاد، وموضحة «أنهم هم من يحكمون على تجربة الشعراء.. على الرغم من أن دواويني الشعرية قد حظت بكثير من اهتمام النقاد».