قراءة قانونيَّة في العدوان على غزة

آراء 2023/11/07
...

 د. حميد طارش

تضمنت اتفاقيات جنيف والبروتوكولان الإضافيان قواعدَ ملزمة لحماية المدنيين وبعض الفئات والأماكن، وهذا ما كفلته المادتان (48،51) من البروتوكول الإضافي الأول لحماية السكان المدنيين بإلزام أطراف النزاع بالتمييز بين السكان المدنيين والمقاتلين، ومن ثم توجيه عملياتهم العسكريَّة ضد الأهداف العسكريَّة دون غيرها وألا يكون السكان المدنيون محلاً للهجوم المسلح أو للهجمات الرادعة، وحظر الهجمات العشوائيَّة على المدنيين.
وكفلت المادة (14) من اتفاقيَّة جنيف الرابعة والمادتان (76، 30) من البروتوكول الأول حماية المرضى والجرحى والأطفال والمسنين والنساء، وأنْ تؤمن لهم ما يحتاجونه من مستلزمات تقتضيها طبيعتهم الخاصة فضلاً عمَّا يحتاجه المدنيون.
وحظرت المادة (49) من اتفاقيَّة جنيف الرابعة الترحيل القسري للسكان المدنيين، فردياً أو جماعياً، وسواء كان داخل أراضي الأطراف المتنازعة أو خارجها.
ومنعت المادة (18) من اتفاقيَّة جنيف الرابعة الهجومَ على المستشفيات المدنيَّة التي تقدم الرعاية للجرحى والمرضى والعجزة والنساء، وعلى أطراف النزاع احترامها وحمايتها في جميع الأوقات.
ويزعم الكيان الصهيوني بأنَّ ما يقوم به هو حق الدفاع الشرعي متناسياً أحكام تنظيمه وأهمها وجود خطرٍ يهدد إزالة كيانه وليس لديه وسيلة أخرى لدفع العدوان وأنْ يكون الردُّ متناسباً مع الفعل وليس متجاوزاً عليه، ويكون ذلك وقتياً لحين قيام مجلس الأمن بممارسة مهامه في حفظ الأمن والسلم الدولي، وهذا ما تنصُّ عليه المادة (51) من ميثاق الأمم المتحدة، كما أنَّ الفعل الفلسطيني يجسدُ حق الدفاع عن النفس بعد حصارٍ وقمعٍ وقتلٍ وبناءٍ للمستوطنات وانتهاكٍ للقانون الدولي، فضلاً عن أنَّه لا يمكن أنْ تكون سلطة الاحتلال الغاشمة في موقف دفاع عن النفس.
وتتحقق المسؤوليَّة الجنائيَّة الفرديَّة عن الانتهاكات بموجب النظام الأساسي للمحكمة الجنائيَّة الدوليَّة، وحددت المادة (6) من النظام الأساسي للمحكمة جريمة الإبادة الجماعيَّة التي تقع بقيام طرف النزاع بأفعالٍ تستهدف الإبادة الجماعيَّة الكليَّة أو الجزئيَّة لجماعة قوميَّة أو إثنيَّة أو عرقيَّة أو دينيَّة لصفتها هذه.
أما جرائم الحرب التي تنصُّ عليها المادة (8) من النظام المذكور فتعني الانتهاكات الجسيمة لاتفاقيات جنيف، أي جميع الأفعال المحرمة بموجب المواد المذكورة آنفاً هي جريمة حرب.
وفي ما يخص الكيان الصهيوني كونه ليس طرفاً في النظام الأساسي للمحكمة فقد عالج النظام الأساسي تلك المسألة بموجب المادة (13) التي منحت مجلس الأمن صلاحيَّة الإحالة الى المدعي العام للمحكمة، وإذا كان مجلس الأمن عاجزاً عن وقف إطلاق النار والمجازر الوحشيَّة بسبب النفوذ الأميركي، فهو بكل تأكيد عاجزٌ عن إحالة جرائم الكيان الصهيوني على المحكمة. وهذه مشكلة القانون الدولي الذي لا تخضع له الدول المتنفذة كما يحدث ذلك عند عدم خضوع الأشخاص المتنفذين للقانون الداخلي، أي القوة الغاشمة هي مشكلة القانون بشقيه الداخلي والدولي.