العراق واستحقاق بريكس

آراء 2023/11/07
...

عباس الصباغ

لطالما عانى العراق من إقحامه بسياسة المحاور والتكتلات البعيدة عن مصالح وطموحات شعبه بسبب السياسات غير المتزنة التي زجته بها الحكومات المتعاقبة والتي دفع ثمنها باهظاً سواء في الانضمام الى محاور لا تمت الى الواقع العراقي بصلة أو بالانزواء القسري عن المحيط الإقليمي بالمقاطعة المزاجيَّة، فضلا عن التسبّب بسياسة التدخل السافر في الشؤون الداخليَّة لتلك الدول، ما أثر سلباً في سمعة العراق الخارجيَّة ولم يكن للشعب العراقي ناقة أو جمل في جميع تلك السياسات العبثيَّة، لا سيما تلك الفترة المضطربة إبان الديكتاتوريَّة الفاشستيَّة والتي أطاح بها التغيير النيساني (2003).
وبخصوص الانضمام الى بريكس فقد عبّر رئيس مجلس الوزراء السوداني عن رغبة الحكومة العراقيَّة في الانضمام الى هذه المنظمة في حال وجّهت الدعوة إليه في هذا الانضمام الذي بات من الضرورات الملحّة، لا سيما أنَّ العراق مقبلٌ على مشروعٍ استراتيجي وحيوي مهمٍ هو مشروع (طريق التنمية) الذي يتوقع منه أنْ يسهم بتجاوز العراق محنة الاقتصاد الريعي ويسهمُ في تنويع مصادر الدخل القومي فيكون الانضمام الى منظمة بريكس مكمّلاً لهذا الاتجاه خاصة أنَّ العراق مستوفٍ لشروط الانضمام من جميع النواحي البشريَّة والثرواتيَّة واللوجستيَّة والجيوسياسيَّة، والتي من أهمها: 1. أنْ يكون اقتصاداً رئيسياً في المنطقة. 2. أنْ تتوفر فيه إمكانات النمو الاقتصادي في المستقبل. 3. أنْ يكون لديه نظامٌ سياسيٌّ مستقلّ ومستقرّ وأنْ تكون دولة ذات سيادة كاملة. 4. أنْ تكون ذات موقع استراتيجي يسمح له أنْ يكون مرتكزاً في التجارة العالميَّة. 5. ألا تكون دولة معادية لإحدى دول المجموعة الرئيسة وأنْ تربطها بها علاقات وثيقة، فضلاً عن الأهداف الاقتصاديَّة العليا التي من الممكن أنْ يشتركَ بها مع أعضاء هذه المنظمة كالرغبة في التحرر من سطوة (سوفت) وهيمنة الدولار على اقتصاداتها مع ضرورة التعامل النقدي بالعملة الوطنيَّة لها، وبهذا فقد عدت بريكس BRICS منظمة منافسة لجماعة الدول السبع الغربيَّة بقيادة الولايات المتحدة وفي عالمٍ يجب أنْ تتعددَ القطبيَّة فيه ولا يقتصر على قطبٍ واحدٍ فقط أو قطبين متضادين كالمعسكرين الشرقي والغربي.
الكثير من الدول أبدت رغبتها في الانضمام الى بريكس منها السعوديَّة وإيران والأرجنتين والإمارات العربيَّة المتحدة والجزائر ومصر والبحرين وإندونيسيا وغيرها فقد تقدمت أكثر من 20 دولة بطلبات للانضمام إلى الكتلة نأمل أنْ يكون العراق من ضمنها والذي أبدى رغبته العارمة في الانضمام إليها كونه يمتلك قدرات اقتصاديَّة ولوجستيَّة وجيوسياسيَّة حيويَّة على رأسها الكثير من الموارد الطبيعيَّة من احتياطات كبرى للنفط والغاز الطبيعي والغاز المصاحب إضافة للموارد المعدنيَّة القيمة الأخرى من فوسفات وكبريت وغيرها ما زال الكثير منها بعيداً عن الاستثمار
 الفعلي.
بريكس هي مجموعة دول تصاعدت أهميتها الاقتصاديَّة - الماليَّة وهي تغطي ما يقارب 30 ‌% - 40 ‌% من السكان على امتداد مساحة شاسعة من الكرة الأرضيَّة تصل إلى أكثر من 40‌ % ومن المتوقع أنْ تلتقي المنظمة مع مصالح العراق بمشتركات جغرافيَّة ـ اقتصاديَّة ـ تنمويَّة ـ سياسيَّة وجيوسياسيَّة، حيث سيكون الانضمام دليلاً على انفتاح العراق المتزن على جميع الدول والمنظمات والمحاور فالعراق يمتلك كل المقومات الأساسيَّة للانضمام، وسيلاقي كل الدعم والترحيب من قبل الدول الأعضاء خاصة الصين وروسيا العملاقين الناهضين، ناهيك عن حجم الدعم الاقتصادي والتنموي الذي سيحظى به العراق عند نيله عضويَّة المنظمة، كما أنَّ بريكس تحاول الآن إقناع الدول النفطيَّة الكبرى ومنها العراق بالتأكيد بالدخول إليها بدلاً عن نظام سوفت المستخدم حالياً والذي يسيطر عليه الدولار الأميركي الذي قارب موسم التحرر منه ولا يتحقق إلاّ بالانضمام الى بريكس أو أيَّة جهة لا تعتمد الدولار في التعامل النقدي والمصرفي والانضمام الى بريكس هو مكسبٌ كبيرٌ للعراق ولجميع أعضاء هذه المنظمة وللتنمية في العالم.