د. محمد وليد صالح
الدراية الإعلاميَّة والمعلوماتيَّة انطلقت لسد الحاجة إلى نشر معلومات واقعيَّة وآنيَّة وهادفة وواضحة وميسورة ومتعددة اللغات وقائمة على أساسٍ علمي، في خضم الاحتفاء بأسبوعها الثالث بعد قرار الجمعيَّة العامَّة للأمم المتحدة، لبناء قدرة على المعالجة الجزئيَّة للفجوة الرقميَّة الكبيرة وللتفاوت في البيانات الموجودة داخل البلدن وفي ما بينها بتحسين كفاءات الأفراد والتقدم المحرز في البحث عن المعلومات وتلقيها ونقلها في المجال الرقمي.
وفي النظام الإيكولوجي الحالي للرسائل والمعاني المعقدة والمتناقضة أحياناً، يبدو من الصعب تصور تقدم في ما يخدم الصالح العام، إذا عجز الجمهور العام عن استغلال الفرص ومواجهة التهديدات، فكل فرد يحتاج إلى أنْ يكون مجهزًا بكفاءات الدراية الإعلاميَّة والمعلوماتيَّة لفهم المخاطر والمساهمة في فرص المعلومات والاتصال والإفادة منها.
وبهدف تطوير مهارات الدراية الإعلاميَّة والمعلوماتيَّة لدى الناس تعمل اليونسكو، من خلال توفير الموارد اللازمة لبناء القدرات والمهارات التي تضمُّ وضع المناهج الدراسيَّة، والمبادئ التوجيهيَّة المعنيَّة الخاصة بالسياسات وصياغتها والأطر التقييميَّة، وتقديم الدروس المجانيَّة والمتاحة للجميع للتعلّم الذاتي، وكذلك في تيسير الربط الشبكي والبحوث من طريق التحالف العالمي للشراكات والشبكة الجامعيَّة للدراية الإعلاميَّة والمعلوماتيَّة، من خلال وسائل الإعلام وتكنولوجيات المعلومات.
وفي هذا المجال حثّ التقرير المعنون (خطتنا المشتركة) للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش على التزام قادة العالم بتنفيذ اثني عشر التزاماً، والتأكيد على قيمتي الثقة والتضامن بوصفهما اللُحمة التي تقوي تماسك النسيج الاجتماعي والإنجازات الاجتماعيَّة لخدمة المنفعة المشتركة.
بيد أننا أمام واقعٍ أليمٍ يتمثل في تضاؤل قيمة الثقة، وبالنظر في خطتنا المشتركة، فالمجتمع العالمي مدعوٌ إلى توكيد الالتزام بمبادئ الدراية الإعلاميَّة والمعلوماتيَّة والتشديد على الالتزام بها وتطوير مبادرات جديدة بشأنها لزيادة قيمة الثقة والتصدي لعواقب غيابها.
ويركز هذا الأسبوع في العام الحالي 2023 على الفضاءات الرقميَّة، ليتيح الفرصة لاستكشاف مسارات من أجل تعزيز التعاون المتعدد الأطراف مع المنصات الرقميَّة وغيرها من أصحاب المصلحة، فضلاً عن تسليط الضوء على بعض الإجراءات الواعدة المتخذة في مجال الدراية الإعلاميَّة والمعلوماتيَّة خلال العام الماضي.
وبالتالي يعدُّ الأسبوع العالمي للدراية الإعلاميَّة والمعلوماتيَّة لهذا العام عنصراً هادفاً وحاسماً في التشديد على ضرورة تعزيز هذه المكانة في خطة التنمية الدوليَّة، والتعجيل بوتيرته لغرض تحفيز إدماج الأنشطة المتعلقة بالدراية الإعلاميَّة والمعلوماتيَّة في التقويم العالمي السنوي بواسطة مشاركة الجهات المعنيَّة، وتمهيد السبيل إلى تحقيق نموٍ هائلٍ في السنوات المقبلة بفضل تحقيق انتشار جغرافي وتضافر جهود دعم وإقامة عدد من الأنشطة.