بغداد: الصباح

لماذا يرتكب الأذكياء أخطاء غبيَّة؟، وكيف يمكن اتخاذ قرارات أكثر حكمة؟، يفحص ديفيد روبسون في كتاب فخ الذكاء الألغاز المحيّرة التي تكمن خلف العقول اللامعة والأخطاء التي يرتكبونها.
يكشف روبسون كيف أن الأشخاص ذوي الذكاء العالي ليسوا بمنأى عن اتخاذ قرارات غير مدروسة أو الوقوع في التفكير غير المنطقي.
يسلط الضوء على كيفيّة قيام هؤلاء الأفراد بالاعتماد على ثقتهم المفرطة في قدراتهم العقليّة، وهو ما يمكن أن يؤدي بهم إلى ما يسميه "فخ الذكاء".
يستعرض الكتاب كيف يمكن للأذكياء أن يبرروا أخطاءهم ببلاغة بدلاً من التشكيك فيها وتصحيحها، باستخدام مهاراتهم الذهنيّة بطرق تخدم التحيّزات الشخصية وليس المنطق.
يوضح روبسون أن الأشخاص الأذكياء قد يكونون ضحايا لنجاحهم الذاتي، مما يؤدي إلى تطوير عقلية ثابتة تعيق النمو والتعلّم.
يشرح روبسون أيضًا كيف أن التاريخ مليءٌ بأمثلة عن أفراد متميزين ذوي قدرات فائقة ارتكبوا أخطاء جسيمة، مثل خبراء المال الذين أسهموا في أزمة 2008 المالية رغم معرفتهم الواسعة ومواردهم
الكبيرة.
يُبرز هذه الأمثلة ليوضح أن الذكاء وحده لا يكفي لتجنب الوقوع في الأخطاء؛ بل يمكن أن يساعد أحيانًا في صياغة حجج مقنعة للمعتقدات والقرارات الخاطئة.
لا يقتصــر الكتــاب على توضيح المشكلة، بل يقدم أيضًا حلولًا للهروب من "فخ الذكاء". يُظهر روبسون أهمية المرونة العقلية والقدرة على تكييف التفكير والمنهجيات استجابةً للمعلومات الجديدة. يُعلي من قيمة التواضع الفكري، ويشجع على الاعتراف بحدود المعرفة الشخصية والانفتاح على التعلّم من الآخرين، بغض النظر عن درجة ذكائهم.
فضلا عن ذلك، يؤكد روبسون أهمية التفكير في التفكير. ينطوي هذا الأمر على التفكير المستمر في كيفية التوصل إلى الاستنتاجات، والتحيزات المحتملة في عمليات التفكير لدينا، وكيف قد تؤثر عواطفنا على أحكامنا. ويشير إلى أن التفكير التعاوني والبحث عن وجهات نظر متنوعة يمكن أن يحمي من "فخ الذكاء"، إذ يتعرّض الأفراد لآراء ضد وجهات نظرهم الخاصة.
 لا يُعد "فخ الذكاء" مجرد استكشاف لمخاطر الذكاء العالي وإنما دليل على كيفية زراعة الحكمة واتخاذ قرارات أفضل. يبني روبسون جسرًا بين امتلاك المعرفة وتطبيقها بحكمة، مُقدمًا حجة مقنعة بأن مفتاح تجنب "فخ الذكاء" يكمن في مزيج من الوعي الذاتي، التواضع، والتعلّم المستمر.