بغداد: مآب عامر احتفى نادي السرد في الإتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق برواية {الدولفين} للراحل عدنان المنشد بحضور نخبة من الأدباء والمثقفين والإعلاميين. بدأت جلسة الاحتفاء التي أدارها الروائي حسين محمد شريف بقراءة نبذة عن سيرة الراحل، فضلاً عن تقديم شهادات النقاد والروائيين العراقيين. وتناول الناقد فاضل ثامر عبر مشاركته ورقة نقدية عن “الدولفين” قال فيها، إن “الرواية تكشف عن مهارة عالية وادراك لشقوق معقدة اتخذت مفصلا سرديا مثيرا”، كما وتحدث كيف أخذت الرواية ميولاً أخرى، متوقفاً عند الجسد وكذلك القتل، وزمن الحصار، وغير ذلك من تفاصيل تناولتها. ويرى ثامر بأنّ سرد هذه الأحداث يذكره بـ “كافكا”، وعلى الأخص روايته القصيرة “مستعمرة العقاب” التي تحتوي أيضا على جهاز خاص بالقتل، وشخصيّة البطل الرئيس الذي يتفنن بعمليات القتل وأساليبه. وأشار فاضل إلى أنّ عدنان لجأ إلى استخدام الكوميديا السوداء، وهي لون من السخرية الداخلية تسمح للمؤلف بخلق أحداث من دون أن يترك آثارا عاطفية موجعة تجعلها تبدو كأنها أمر عام وعادي. وأوضح أن هذا العمل يفض الشراكة بين القتلة والمساهمين في إخفاء آثار هذه الجرائم، من خلال تصفية جميع أفراد العصابة واحدا بعد الآخر، كأن هناك قوة خفية مهيمنة هي التي تفرق بين هذه الشخصيات، وفعلاً “حدث هذا من إعلان مدير الشرطة أن ما يحدث هو جزء من العدالة”. وأشار ثامر إلى وجود مصطلح يسمى العدالة الاجتماعيّة، ومتواجد كذلك في جميع الأعمال، حيث أن “المؤلف ينتقم من القتلة، ويميل إلى أن ينتصر للخير”. من جهته، يقول رئيس إتحاد الأدباء الناقد على الفواز عبر مشاركته في الجلسة، أن “رواية الدولفين تختصر الكثير من وجهات النظر، لأنها تنتمي إلى سرديات الفنون الفاسدة، والأمكنة الفاسدة”. وأشار الفواز إلى أنّ الدستورية التي اشتغل عليها عدنان، كشف خلالها عن طبيعة الرعب الذي أصاب المكان العراقي، وبكل تمظهرات هذا المكان، و”الدستوبيا” السوداء التي لامست المدينة مراكز البحث العلمي والهوية. كما أضاف أنّ “كل شخصيات الرواية فاسدة، وكأن هذا الفساد الجمعي يعبر عن هوية الذي حدث للعراق، بمعنى عدم وجود شخصية لها موقف ضد الفساد كله”، وتناول الفواز أيضاً البنية التي صنعها عدنان، انهيار الشخصية المركزية عند فقدان بطل الرواية لحظته المتوهجة، وغير ذلك من تحولات مكانية وحدثية. من جانبه، تحدث الفنان الدكتور عقيل مهدي يوسف عن تقلبات الأحداث الشخصية وبطل الرواية الملقب بـ “الدولفين”، وكذلك تتنوع خصائص شخصيات الرواية التي بدت مجتمعة على سمات انطوائية وعدوانية تسقط انحرافات سلوكية على الآخرين، فضلا عن اعتماد الروائي على قدرات سردية مؤثرة في الوصف والحوار وانتقاء الكلمات والتواصل اللغوي. وأشار إلى أنماط تلك الشخصيات، وأن لكل شخصية نمطا خاصا، وهذا ما يفتعل الصراع، ويجعل لها مواقف دراماتيكية . وأوضح أن الرواية تمتد في حبكة الأحداث لترسم أقنعة لزعيم يقود سفينة الإجرام تحت وجهات تدعي الحفاظ على القانون، لكنها في الواقع تفتك بالقيم التي يدعيها.