في سايكولوجيا الحرب

آراء 2023/11/08
...

  سعد العبيدي 


صحا العالم صباح السابع من تشرين الفائت على فعاليَّة غير مسبوقة لكتائب القسام وفصائل أخرى، باجتياز السور الإسرائيلي الالكتروني، ودخول مستوطنات الحزام في معركة تحدٍ مفاجئة وسريعة قتل فيها إسرائيليون من الجيش ومدنيون وأسر آخرون، وحدثٌ من هذا النوع يدفع العالم في المعتاد الى التوجه حثيثاً الى متابعته، وتسجيل وقائعه، وتفاصيل السلوك القتالي للطرفين في ميدان معركة شرس، يتكون إثرها رأيٌ عامٌ يؤثر نفسياً في سير المعركة ومواقف الدول والشعوب من مجرياتها.

إنَّ الرأي العام الذي تكوَّن من هذه المعركة، وإنْ استند جزءٌ من تكوينه على المشاعر والمواقف السابقة، فإنَّ الجزء الآخر من التكوين جاء من ناتج إدارتها الإعلاميَّة النفسيَّة، وبصدده يرى المتابعون أنَّ حماس لم تجده، إذ أخطأ بعض أفرادها وشباب من خارج فصائلها 

في التعامل مع المدنيين، خطأ لم تتمكن من إخفائه في فورة انفعال، تحسس منه العالم الآخر، تخيله وكأنه سلوك المحارب الفلسطيني، في حين سيطر الجانب الإسرائيلي على إعلامه، وساعده الإعلام الدولي المنحاز على السيطرة والضبط من ناحية، ونشر اللقطات التي تظهر الخطأ من ناحية ثانية، وتحقيق التضليل الإعلامي المطلوب من ناحية ثالثة، كما حدث في قصة قطع رؤوس الأطفال الإسرائيليين التي سوقت بشكلٍ ذكي على الرغم من عدم 

صحتها. 

من هذا التناقض والانحياز تكوّن رأيٌ عامٌ إذا ما استثني منه العرب والمسلمون يمكن الاستنتاج أنَّه كان بالضد من المعركة وغزة والقضيَّة الفلسطينيَّة، وكان له الأثر الكبير في استمرار الحرب عليها وكثرة الخسائر، إذ استندت عليه الحكومات الغربيَّة في تقديم دعمها السريع وغير المحدود لإسرائيل واستفادت منه إسرائيل حجة لاستمرارها في الحرب والتدمير، ومع هذا فإنَّ القسوة وشدة التدمير التي انتهجتها إسرائيل لتنفيس الغضب الداخلي، وتحقيق بعض أهداف عقيدتها، إذا ما استمر وإذا ما أحسن الفلسطينيون إدارته نفسياً سيكون أحد عوامل إنتاج رأيٍ عامٍ بالضد من الحرب، وستكون فيه إسرائيل خاسرة على المدى 

البعيد.