يعقوب يوسف جبر
إن الحدث المدوي الذي اجتاح مدينة غزَّة وعمليات المقاومة تقودها حماس، وما أسفر عنها من انكسار فظيع للجيش الاسرائيلي، يشير بوضوح إلى أن الشعب الفلسطيني لا يزال يملك إرادة المقاومة، ويملك قوة الجهاد وعزيمة القتال لتحرير أراضيه المستلبة.
فلقد طال أمد محنته، ولم تعد مشاريع السلام المزيفة ذات جدوى في استعادته لحقوقه، خاصة التاريخية المتمثلة بأراضيه، التي تم اغتصابها منه تحت ظل الانتداب وبالقوة المسلحة.
فالأرض تعني الهوية والانتماء لأي شعب أو أمة وبدون الأرض يعدُّ أي شعب أو أمة بلا تاريخ وبلا هوية ويتحول إلى شعب شتات أو شعب مناف.
من أباح لأناس كانوا متفرقين في أرجاء الارض أن يهاجروا إلى فلسطين لكي يستوطنوها تحت مبرر أنها أرض أجدادهم؟
وهذه مغالطة واضحة المعالم، فالمستوطنون كانوا متفرقين في أرجاء الأرض ومنافيها، بينما كان عرب فلسطين يسكنون منذ زمن بعيد في هذه الأرض.
لكن بعد وضع الانتداب البريطاني على فلسطين ووعد بلفور وزير خارجية بريطانيا بمنح أرض فلسطين، كوطن ليهود الشتات حدثت الكارثة وبدأ بعض اليهود بالهجرة إلى فلسطين تدريجيا بنفس الوقت عملوا على طرد الفلسطينيين من أرضهم.
فاستقر بعضهم في دول جوار فلسطين وهاجر بعضهم إلى دول العالم، بينما استقر بعضهم في قطاع غزَّة والضفة الغربية.
لكن الشعب الفلسطيني لم يتوقف عن المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي، منذ أن وطأ اليهود أرض فلسطين، ولقد حاولت بعض الدول تذويب المقاومة عبر مشاريع السلام، التي لم تجد نفعا ولم تساهم في اعادة الحقوق إلى الفلسطينيين بما فيها الأرض المغتصبة.
حيث طال امد مفاوضات السلام لعدة عقود لكنها بمثابة مشاريع خداع للشعب الفلسطيني.
كما أن الشعب الفلسطيني صاحب ارض فلسطين لا يزال يعاني من الاعتداءات الإسرائيلية التي تستهدفه دائما، فكان ذلك بمثابة دافع له، لكي يستمر بالمقاومة التي طال مداها.
لقد ضحى هذا الشعب ولا يزال يضحي دفاعا عن حقوقه المستلبة، ولن يستكين حتى يحقق أهدافه المشروعة.
فلقد انتظر طويلا وصبر على الوعود الدولية، لكي يسترجع حقوقه وأرضه بشكل سلمي لكن لا جدوى من هذه الوعود.
من هنا انطلقت حملته الاخيرة في غزَّة لكي يحطم أسوار الاحتلال ويستعيد ارضه المسلوبة من قبل الغزاة الصهاينة. فلقد شكلت عملية طوفان الأقصى صدمة صادمة لإسرائيل وحكومتها، بيّنت هشاشة هذا الكيان الغاشم، وأنه كيان مترنح، لا يقوى على حماية ذاته ودولته المهزوزة الباهتة.