رئيس الجمهورية: العراق يدعو لتحرك جاد لإنقاذ شعب فلسطين

الثانية والثالثة 2023/11/12
...

 بغداد: متابعة محمد الأنصاري

جدد رئيس الجمهورية عبد اللطيف جمال رشيد، أمس السبت، موقف العراق الثابت والداعي لتحقيق آمال الشعب الفلسطيني، مطالباً بوضع إطار عملي للأخذ بزمام الأمور وإنقاذ الشعب الفلسطيني والتحرك الجاد لوقف العدوان وإدانة الانتهاكات الصهيونية واستهداف المؤسسات المدنية في قطاع غزة المحاصر. وقال رشيد في كلمة له أمس السبت، خلال "القمة العربية الإسلامية المشتركة غير العادية" في الرياض لمناقشة أوضاع غزة: إن "هذه القمة تأتي بظروف عصيبة تتمثل بالجرائم التي يرتكبها جيش الاحتلال، في محاولة بائسة للإجهاز على القضية الفلسطينية، وعلى حقوق وتطلعات الشعب الفلسطيني" .

وجدد رئيس الجمهورية، "موقف العراق الثابت والداعي لتحقيق آمال الشعب الفلسطيني، بالوصول لحل عادل وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وعاصمتها القدس الشريف"، مؤكداً أن "العراق يرفض سياسات الانتقام والعقاب الجماعي، التي ينتهجها المحتل بحق الشعب الفلسطيني"، كما يدين العراق "بشدة الانتهاكات الصارخة للقوانين الدولية الإنسانية، سيما جرائم استهداف المجمعات السكنية والمستشفيات والمرافق المدنية، التي نتج عنها سقوط الآلاف من الضحايا ومعظمهم من الأطفال والنساء والشيوخ" .

وأكد، "دعم العراق لصمود الشعب الفلسطيني في مواجهة تلك الاعتداءات ضد المدنيين العزَّل والمؤسسات المدنية والمقدسات، وبأبشع ممارسة للابادة الجماعية وجرائم الحرب" .

وأشار رئيس الجمهورية، إلى أن "ما يجري من إبادة جماعية يحصل على مرأى ومسمع من العالم، ويجعل الأحرار يتساءلون عن مصير القوانين والمواثيق الدولية التي باتت تطبق بمعايير مزدوجة"، داعياً لوضع إطار عملي للأخذ بزمام الأمور وإنقاذ شعب فلسطين من هذه المجازر، عبر ما يلي:

أولاً: دعوة المجتمع الدولي للتحرك الجاد لإدانة الهجوم الممنهج والانتهاكات الخطيرة، واستهداف المؤسسات المدنية في قطاع غزة ويتبع ذلك الوقف الفوري للأعمال الحربية.

ثانياً: التحرك السريع والجاد لأجل السماح لقوافل المساعدات الإنسانية، بالدخول إلى الأراضي الفلسطينية فوراً، ومن دون قيود لإغاثة المواطنين الفلسطينيين.

ثالثاً: التأكيد على أن قطع الاتصالات عن قطاع غزة يهدف إلى عزل أكثر من مليوني إنسان، وإخفاء جرائم الحرب التي يرتكبها الاحتلال هناك عن العالم، فضلاً عن إعاقة مهام المنظمات الدولية وبالأخص (أونروا).

رابعاً: إن ما يرتكبه جيش الاحتلال في غزة، ما هو إلا تجسيد للسياسة العنصرية القائمة على التهجير ومصادرة الأراضي وتهويد المناطق الفلسطينية وتوسيع بناء المستوطنات.

وأشار رشيد، إلى أن "ما تقوم به سلطات الاحتلال من أعمال وحشية الآن، هي محاولة مجرمة تهدف إلى إخراج الفلسطينيين من ديارهم، وهي سياسة بائسة ومرفوضة رفضا باتاً" .

وختم رئيس الجمهورية كلمته بالقول: "ينظر العراق بقلق شديد إلى المعاناة الإنسانية التي تطال الفلسطينيين، وسط صمت دولي غريب وغير مبرر، وبما ينذر بمزيد من الاحتقان ويكرِّس مناخ التوتر وتنامي التأزيم في المنطقة، ويعيق الوصول إلى حل عادل ونهائي" .

وكان رئيس الجمهورية عبد اللطيف جمال رشيد، وصل صباح أمس السبت، إلى العاصمة السعودية الرياض للمشاركة في "القمة العربية الإسلامية غير العادية" التي عقدت لبحث الأوضاع في قطاع غزة المنكوب، ورافق رشيد وفد رفيع ضمّ نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية فؤاد حسين، وعضوي مجلس النواب جبار فريح الكناني ووصفي عاصي العبيدي.

والتقى رشيد على هامش القمّة عدداً من زعماء الدول العربية والإسلامية، حيث التقى الرئيس السوري بشار الأسد، الذي بحث معه آخر المستجدات على الصعيدين الإقليمي والدولي وتداعيات العدوان على قطاع غزة، فيما أكد الجانبان على وجوب الوقف الفوري للقصف وتوفير ممرات آمنة لتوصيل المساعدات الإنسانية، كما التقى  رئيس الجمهورية ولي العهد الكويتي مشعل الأحمد الجابر الصباح.


المضيف السعودي

وافتتح ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، أمس السبت، "القمة العربية الإسلامية المشتركة غير العادية" التي تستضيفها المملكة العربية السعودية، وقال خلال كلمته: إن "المملكة العربية السعودية ترفض الحرب الشعواء التي يقودها الكيان الصهيوني في قطاع غزة"، داعياً إلى "الوقف الفوري للعمليات العسكرية وتوفير ممرات إنسانية لإغاثة المدنيين" .

ونوّه، بأن "المملكة بذلت جهوداً حثيثة منذ بداية الأحداث لحماية المدنيين في قطاع غزة واستمرت بالتشاور والتنسيق مع أشقائها والدول الفعالة في المجتمع الدولي لوقف الحرب" .

وأضاف، أنه "يجب إقامة دولة فلسطينية على حدود 1967 وعاصمتها (القدس الشرقية) ويجب حصول الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة وإقامة دولته المستقلة"، وأشار إلى "أننا أمام كارثة إنسانية تشهد على فشل مجلس الأمن والمجتمع الدولي في وضع حد للانتهاكات الإسرائيلية الصارخة للقوانين والأعراف الدولية والقانون الدولي الإنساني، وتبرهن على ازدواجية المعايير والانتقائية في تطبيقها، وتهدد الأمن والاستقرار العالمي"، وتابع: "لذلك، فإن الأمر يتطلب منا جميعاً جهداً جماعياً منسقاً للقيام بتحرك فعّال لمواجهة هذا الوضع المؤسف، وندعو إلى العمل معا لفكِّ الحصار بإدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية وتأمين المستلزمات الطبية للمرضى والمصابين في غزة" .

وكانت وزارة الخارجية السعودية، أعلنت ليل أمس الأول الجمعة، دمج القمتين العربية والإسلامية في قمة واحدة مشتركة تعقد السبت في الرياض لبحث الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وأشارت إلى أن القمة ستكون عوضاً عن "القمة العربية غير العادية"، و"القمة الإسلامية الاستثنائية" اللتين كان من المُقرر أن تُعقدا في التاريخ نفسه.


حديث الجامعة العربية

من جانبه، أشار الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، في كلمته، إلى أن "حرب إسرائيل على قطاع غزة ليست الأولى، ونأمل أن تكون الأخيرة"، مؤكداً أن "إسرائيل تسعى منذ اليوم الأول لاحتلالها لهذا القطاع أن يختفي سكانه أو يهجَّروا منه، حيث صرح أحد وزرائها أنه ينبغي ضرب القطاع بالسلاح النووي، ما يمثل الحقد الإسرائيلي ضد سكان قطاع غزة الصامدين" .

وشدد أبو الغيط، على "أهمية الوقف الكامل لإطلاق النار في قطاع غزة وجعله أولوية قصوى، ووقف توسيع رقعة الحرب، ويجب أن يعي الضمير العالمي أن استمرار الآلة العسكرية الإسرائيلية في البطش بأهل غزة هو الذي من شأنه رفع احتمالات المواجهة الإقليمية، ووقف ورفض التهجير القسري بكل صوره لسكان غزة أو الضفة أو القدس الشرقية وهو ما يعد جريمة دولية ومخالفة صريحة للقانون الدولي الإنساني"، وأفاد أبو الغيط بأن "طريق إعادة الأمور إلى طبيعتها في غزة الباسلة سيكون طويلاً وصعباً"، مؤكداً أن "الدول الأعضاء ستقدم كل الدعم والمساندة، لأهل غزة الذين يستحقون وقوفنا جميعاً إلى جوارهم في مواجهة آثار العدوان" .


الموقف السوري

الرئيس السوري بشار الأسد، قال في كلمته: إن "المقاومة الفلسطينية الباسلة فرضت واقعاً جديداً في منطقتنا وبه امتلكنا الأدوات السياسية التي تمكننا من تغيير المعادلات"، وأضاف أن "32 عاماً من سلام فاشل نتيجته الوحيدة أن الكيان ازداد عدوانية والوضع الفلسطيني ازداداً ظلماً وقهراً وبؤساً". وتابع: "غزة لم تكن يوماً قضية. فلسطين هي القضية وغزة تجسيد لجوهرها وتعبير صارخ عن معاناة شعبها. إذا لم نمتلك أدوات حقيقية للضغط فلا معنى لأي خطوة نقوم بها أو خطاب نلقيه" .


كلمة فلسطين

أما الرئيس الفلسطيني محمود عباس، فقد وصف ما يتعرض له الشعب الفلسطيني في قطاع غزة حالياً بالعدوان الوحشي لآلة الحرب الإسرائيلية الجبانة، وسط انتهاك للحرمات والقانون الدولي الإنساني، راح ضحيتها قتل وجرح أكثر من 40 ألف من المدنيين غالبيتهم من الأطفال والنساء والشيوخ.

وقال عباس في كلمته خلال أعمال القمة: إن هذا الاعتداء الذي تتعرض له الضفة الغربية والقدس من جرائم قتل واعتداءات يومية وإبادة أسر بكاملها وتدمير المستشفيات والمساجد والكنائس والمدارس في قطاع غزة، من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي الغاصب، يحدث على مسمع ومرأى من العالم دون وقف فوري لهذه الحرب الوحشية وتجنيب أبناء شعبنا العزل مزيداً من القتل والدمار. وأكد، "أهمية دور الولايات المتحدة الأميركية السياسي"، مطالباً "بوقف العدوان الإسرائيلي والعمل على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية وشعبنا ومقدساتنا" .


بين طهران وأنقرة

بدوره، طالب الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، بوقف إطلاق النار, وفتح معبر رفح دون قيود أو شروط, داعياً إلى اتخاذ قرار تاريخي وحاسم بشأن ما يحدث في الأراضي الفلسطينية، وأضاف: "اليوم يوم تاريخي للدفاع عن المسجد الأقصى وأتمنى أن يسفر اجتماع القمة عن إصدار قرار لصالح الشعب الفلسطيني"، وتابع: "علينا أن نطالب بخروج الكيان الصهيوني من غزة بشكل عاجل، ورفع شامل للحصار عن القطاع، ويجب تشكيل محكمة دولية، لمحاكمة ومعاقبة القادة الصهاينة والأمريكان، وكذلك تشكيل صندوق إعادة إعمار لغزة، وإرسال قوافل المساعدات" .

من جانبه، بيّن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أن قوات الاحتلال الإسرائيلي تستهدف بشكل وحشي المستشفيات ودور العبادة والمدارس ومخيمات اللجوء ، إضافةً إلى قتل المدنيين في غزة والتهجير القسري .

وطالب أردوغان، في كلمته خلال القمة، بأن تضطلع الولايات المتحدة ودول الغرب بدورهم في حماية حقوق الإنسان, وعدم التغافل من ممارسات إسرائيل الذي اتضح ذلك جلياً خلال التصويت الأخير في الجمعية العامة للأمم المتحدة"، مضيفاً أن الكلمات عاجزة عن وصف ما يجري في غزة.

وقال أردوغان: "نواجه بربرية غير مسبوقة في التاريخ"، مشدداً على ضرورة أن ينظر مجلس حقوق الإنسان والمحكمة الجنائية الدولية في جرائم إسرائيل في غزة التي حرمت من المساعدات الإنسانية, ويجب بذل الجهود لمحاسبة إسرائيل على جرائمها، مع ضرورة استمرار دخول المساعدات الإنسانية دون توقف وإيصال الوقود إلى المستشفيات.


تحذير أردني

من جانبه، حذّر العاهل الأردني عبدالله الثاني, من أن المنطقة قد تصل إلى صدام كبير يدفع ثمنه الأبرياء من الجانبين وتطال نتائجه العالم كله، وقال خلال كلمته في القمة: إن "هذا الظلم الذي يطال فلسطين وشعبها لم يبدأ قبل شهر بل هو امتداد لأكثر من سبعة عقود"، وأضاف أن "الظلم الواقع على الأشقاء الفلسطينيين هو دليل على فشل المجتمع الدولي في إنصافهم وضمان حقوقهم في الكرامة وتقرير المصير وقيام دولتهم المستقلة على خطوط الرابع من حزيران عام 1967م عاصمتها (القدس الشرقية)".

أما الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، فدعا في كلمته، إلى وقفة جادة من المجتمع الدولى, إذا أراد الحفاظ على الحد الأدنى, من مصداقيته السياسية والأخلاقية، وأضاف، أن "المجتمع الدولي, لا سيما مجلس الأمن, يتحمل مسؤولية مباشرة, للعمل الجاد والحازم, لتحقيق ما يلي دون إبطاء: الوقف الفوري والمستدام لإطلاق النار في القطاع, بلا قيد أو شرط. وقف جميع الممارسات, التي تستهدف التهجير القسري للفلسطينيين, إلى أي مكان داخل أو خارج أرضهم. اضطلاع المجتمع الدولي بمسؤوليته, لضمان أمن المدنيين الأبرياء من الشعب الفلسطيني" .

وتابع السيسي: أنه "يجب ضمان النفاذ الآمن والسريع، والمستدام، للمساعدات الإنسانية, وتحمل إسرائيل مسؤوليتها الدولية, باعتبارها القوة القائمة الاحتلال. وكذلك التوصل إلى صيغة لتسوية الصراع، بناء على حل الدولتين, وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة, على حدود الرابع من يونيو 1967.. وعاصمتها (القدس الشرقية). وضرورة إجراء تحقيق دولي, في كل ما تم ارتكابه من انتهاكات ضد القانون الدولي" .


جهود قطرية

كما ألقى أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني كلمة في القمة، أكد فيها أن بلاده ماضية في دعم كافة الجهود الدبلوماسية الإقليمية والدولية لخفض التصعيد وحقن الدماء، وحماية المدنيين، بما في ذلك بذل الجهود في الوساطة الإنسانية لإطلاق سراح الرهائن، مبيناً "أننا نأمل التوصل إلى هدنة إنسانية في القريب العاجل، تجنّب القطاع تفاقم الكارثة الإنسانية التي حلت به" .

وتناوب زعماء ورؤوساء الوفود الحاضرة، بإلقاء الكلمات في قمة الرياض، حيث تحدث ولي عهد الكويت مشعل الجابر الصباح والرئيس الإندونيسي جوكو ويدوجو ورئيس طاجيكستان إمام علي رحمان، ورئيس الصومال، ورئيس سيراليون ورئيس مجلس القيادة اليمني وأمين عام منظمة التعاون الإسلامي حسين إبراهيم طه, وعدد من رؤوساء الوفود الآخرين.