الشارقة: فيء ناصر
تأثرت صناعة النشر بكثير من الأزمات خلال السنوات الأخيرة، بدءا من جائحة كورونا إلى الحروب والنزاعات والتراجع الاقتصادي، ولكل هذه الأزمات أثر سلبي على صُنّاع الكتب وحركة النشر على الصعيد العالمي والعربي. “الصباح” استطلعت بعض وجهات النظر والمصاعب التي يعاني منها الناشر العراقي.
وشاركت وزارة لثقافة العراقيَّة بأجنحة عدة منها، جناج كبير يضم دار الشؤون الثقافيَّة والثقافة الكردية وثقافة الطفل وهو جناح كبير نسبيا، لكنه في مكان منزو وبعيد عن أنظار الجمهور، رغم معروضاته من عناوين مهمة تجذب القارئ لاقتنائها مثل الأعمال الشعريَّة الكاملة للشاعر العراقي الراحل حسب الشيخ جعفر المطبوعة حديثا، وكتاب الجواهري الشهير (ذكرياتي) بجزئين، والأعمال الكاملة للشاعرة نازك الملائكة، والشاعر فوزي كريم وغيرهم.
وقال مسؤول مخازن دار الشؤون الثقافية سعد رسيم غضبان إن “هذه المشاركة الأولى لهم في معرض الشارقة بعد انقطاع أكثر من عشر سنوات، وأن الدار شاركت بنحو 250 عنوانا.
وأضاف أن “المعرض يتميز بالتنظيم الدقيق وتهيئة الأجنحة المختارة وتزويدها بالأرفف للعارضين، مما يسهل مهمة العارض كثيرا، وسوف تُهدى مكتبات الشارقة العامة بعض العناوين المختارة من الكتب حين انتهاء أيام المعرض، لأن الهدف من المشاركة ليس الربح وبيع الكتب بقدر توصيل الكتاب العراقي إلى المثقف العربي”. من جهته، قال مسؤول علاقات وإعلام دار الشؤون الكردية علاء عبدالله: رغم أن دائرتنا بسيطة ومتواضعة وهي بمثابة جسر بين الثقافتين العربيَّة والكرديّة، لكننا شاركنا بأكثر من مئة عنوان لكتب متنوعة ولا تختص فقط بالثقافة الكردية، بل نعمل على نشر الكتب باللغتين العربية والكردية التي تنوعت بين البحوث والرواية والتاريخ. وأضاف: ولأننا في بلد عربي، فقد عرضنا أغلب العناوين باللغة العربيَّة المترجمة عن اللغة الكرديّة، أو الكتب المترجمة من العربية إلى الكردية، لأن مهمتنا تعريف القارئ العربي برواد الثقافة الكردية.وتعّد كتب التاريخ والرواية الأكثر مبيعا بالنسبة لعبد الله الذي أكد: رغم أن مشاركتنا هي الأولى في المعرض، إلا أننا لاحظنا تعطش القارئ العربي للكتب العراقيَّة، “هناك كتب نفدت مثل كتاب الباحث حيدر الحيدر (أسماء الرجال والنساء في مضارب الأمثال/ وهو بحث عن أسماء النساء والرجال التي وردت في الأمثال والحكايات العراقيَّة والعربيَّة والكرديّة)”، مشيراً بقوله: رغم عدم استعدادنا المبكر للمشاركة هذا العام - لأن قرار مشاركة الدار جاء في اللحظة الأخيرة- كما ولم يكن استعدادنا بالمستوى المطلوب، لكننا سنعمل في السنوات اللاحقة على تحسين مشاركتنا بتنوع المطبوعات. ولكني كقارئة ومقتنية للكتب، كان من الأفضل أن يتم اختيار مكان مركزي بالمعرض لجناح دار الثقافة العراقيّة، كونها تمثل المؤسسة الرسمية الراعية للثقافة، ويُزيّن الجناح بالأعلام العراقيَّة والديكورات التي تعكس حضارة العراق العريقة أسوة بغيره من الأجنحة العربيّة الحكوميّة المتميزة مثل جناح دولة عمان وجناح هيئة البحرين للثقافة والآثار.
أما دار المأمون للترجمة فقد شاركت بجناح صغير نسبيا، وقال مدير قسم المعارض في هيئة المامون للنشر في وزارة الثقافة عقيل أحمد جواد، إن “هذه المشاركة هي الأولى للدار في معرض الشارقة، وقد عرضنا أكثر من 150 عنوانا مترجما تنوعت بين العلمية والثقافية والأدبيّة والفنية والدراسات الخاصة بالترجمة والمسرح، فضلا عن دوريات تصدر عن دار المأمون، كمجلة المأمون باللغة العربيَّة، ومجلة كلكامش باللغة الإنكليزية، ومجلة بغداد باللغة الفرنسية”. وعن منشورات الإتحاد العام للأدباء والكتّاب في العراق قال الدكتور نصير لازم: بدأت منشورات الإتحاد عام 2017، وكانت بداية بسيطة لكن مطبوعاتنا تنوعت وازدادت منذ عام 2020، وخلال هذه السنوات وصلت إلى ما يقارب 600 عنوان في الشّعر والأدب والدراسات والنقد والمسرح والسينما والآثار. وتابع: في البداية تواجدت منشوراتنا في مقر الإتحاد ووزعتْ على الأدباء فقط، لكن بعد عام 2020 بدأنا بالمشاركة في المعارض داخل العراق وخارجه، وهذه هي المشاركة الرابعة بمعرض الشارقة الدولي للكتاب باعتباره أهم معرض بالمنطقة العربية، مضيفاً “كانت بدايتنا بـ 150 مطبوعا وهذه السنة نشارك بـ 400 مطبوع لأدباء العراق، وهناك تطور آخر هو اتجاهنا نحو طباعة أعمال لأدباء عرب مثل ما حدث حين طبعنا (فن الشعر عند سعيد الصقلاوي) للدكتور أحمد بم محمد بن سالم الفارسي، وحاليا في مطبعة الإتحاد ثلاثة دواوين لشاعرات من سوريا بالتعاون مع إتحاد الأدباء العرب. أما أقبال القراء فيراه لازم ممتازاً سواء من الأدباء العراقيين المقيمين في الامارات أو زوار المعرض، مشيرا إلى أنّه خلال أيام المعرض زار جناحنا الكثير من الوزراء العراقيين السابقين والصحفيين والأدباء. فجناحنا له أهمية خاصة للأديب العراقي لأنه يمثل لهم البيت الأدبيّ المؤسس الأول، وإتحاد الأدباء مهمته الأولى الترويج للاديب العراقي. وأن وجود العلم العراقي في جناحنا جعلنا نستقطب الكثير من الزوار العرب، فهم يتوقفون عندنا أما لاقتناء الكتب أو لاسترجاع الذكريات والدعاء بأن يعود العراق إلى مكانته الثقافيَّة المتميزة في خارطة الإبداع العربي.
وتحدث لازم عن صعوبات ارتفاع أسعار إيجار أجنحة العرض. وقال: نعمل على التعاون العيني بين إتحادنا وبقية الإتحادات الأدبية العربية، وبالتالي تكون الدعوة للمشاركة بالمعارض أما مخفضة أو حتى مشاركة مجانية. نحن أيضا بحاجة إلى اهتمام أكبر من الحكومة العراقيَّة، وخاصة بعض التسهيلات التي يمكن منحها للإتحاد كنقابة مستقلة شأنها الأول هو الكتاب، من دون أن تكون هناك وصاية من الدولة للسيطرة على خطاب هذه المؤسسة، لأننا نحتاج الدعم المالي لطباعة الكتاب والتسويق والخزن، موكداً أننا “نعاني أيضا من مشكلة الطباعة، فرغم وجود مطابع ممتازة في العراق، لكننا لا نتمكن من الطباعة لأن هناك قانونا قديما يمنع من إخراج الكتاب العراقي بكميات كبيرة. ورغم إثارة الإتحاد لهذه القضية ومطالبته بإلغاء القانون، إلا أنّ العمل به لايزال ساريا مما يضطرنا إلى الطباعة في بيروت والتخزين هناك أيضا، والشحن يتم من بيروت إلى أماكن المعارض، أن”هذا القانون خنق ولا يزال يخنق المطبوعات العراقية”، على حد قوله.