الثروة الضائعة

الرياضة 2023/11/14
...

 خالد جاسم



*قلناها منذ عشرات السنين، إن الألعاب الفردية هي المنجم الحقيقي ليس في اعتلاء منصات التتويج وحصد الأوسمة في الدورات الأولمبية، بل هي كذلك المرتكز الأساس لتحقيق كل نهضة رياضية حقيقية، بعد أن صارت الفعاليات الفردية هي مقياس التطور البارز في الرياضة، مع أن ذلك لا يلغي أهمية وضرورة الاعتناء في مسار مواز بالألعاب الفرقية أو الجماعية . والتفوق الرياضي وحصد الأوسمة وتحقيق قصب السبق في الترتيب الفرقي العام، لا تعتمد على ما يتحقق في الدورات الأولمبية التي هي الأرفع شأنا والأعلى مقاما ومنزلة من غيرها من البطولات والدورات، بل إن تلك الحقيقة تحضر أيضا في الدورات القارية والإقليمية كدورة الألعاب الآسيوية ودورة الألعاب العربية، حيث المقياس والمؤشر الحقيقي على ازدهار الرياضة من عدمه.

 وفي مشاركتنا في آخر دورة للألعاب الآسيوية قبل أسابيع في الصين، توضحت أمامنا الصورة وتجلت الملامح كاملة بين مستويات ألعابنا الفردية التي ركزنا المشاركة فيها، بعد غياب شبه كامل للألعاب الفرقية تقريبا، وفي مقدمتها بالطبع كرة القدم التي أحرزنا الوسام الفضي في منافساتها في آسياد قطر 2006، وقبلها كنا أول دولة عربية تحرز ذهبيتها في آسياد الهند

 عام 1982 .

صحيح أن ما تحقق لألعابنا الفردية في آخر آسياد هو حصيلة فقيرة في الإجمال لا تنسجم إطلاقا مع التمنيات أو حدود التفاؤل الحذر الذي تملكنا جميعا، بحكم واقع المستويات الفنية لرياضيينا وألعابنا الفردية التي تكاد تسجل تخلفا حقيقيا وصريحا عن مثيلاتها في القارة الآسيوية، بل إن ما تحقق لبعض رياضيي الدول العربية في الآسياد جدد فينا القبول بواقع تراجعنا وتخلفنا حتى عن المستويات العربية، وهو أمر لا يمكن إغفاله أو إنكاره أو التكابرعليه، حتى لو كانت مشاركة بعض منتخباتنا برياضة منتجة مثل رفع الأثقال .

إنها مقاربات واقعية وليست مؤشرات تنم عن تشاؤم أو سوء تقدير، وهو أمر يتطلب منا شجاعة وعزما وتصميما على إعادة النظر في مجمل واقعنا الرياضي، لأن ما يتحقق من تطور ويترجم إلى نجاحات وأوسمة تفوق لا يأتي بضربة حظ أو بأدعية أولياء الأمور، بل هو نتاج تراكمي لتخطيط سليم يبدأ من الأسس أو الجذور .. فهل تمت عملية تقييم واقع حالنا بعد كل تجاربنا، ونحن نجدد دوامة الفشل والتراجع عاما بعد عام ؟.

نتمنى، في ضوء ما شاهدناه في الصين، أن ترتكز ستراتيجية العمل الرياضي في المرحلة المقبلة واعتبارا من العام الجديد، على توظيف الجهود والقدرات والإمكانيات في الألعاب الفردية التي هي دائما تعد المنجم الحقيقي للذهب والأوسمة المتقدمة، كما صارت الألعاب الفردية هي مقياس الحضارة والتقدم الرياضي الحقيقي للأمم، حتى لو ظلت الساحرة الصغيرة المدورة كرة القدم هي اللعبة الشعبية الأولى في العالم.