رندة حلوم
تحتفي تجربة التشكيليّ نزار الحطاب بالزمان والمكان من خلال عبور الجسد، حيث يختزل تاريخاً وجغرافية في جسد المرأة العابق بلغة الثّراء والدّهشة عبر التّجربة الواقعيّة التّعبيريّة، وتزركش منمنمات الرّمز العتبة الفكرية الأولى في الوصول إلى صدمة جمالية عالية لدى
المتلقي.
تعنى هذه التجربة بالتراث والموروث الفكري والشّعبيّ، وتمتع العين بالبعد الوجودي الزمكاني المعشق بلغة الصّورة واللّون، فرغم إلتصاقه بالواقعية، إلاّ أنّه ينطلق منها وهو يميل نحو أسلوبه التعبيري الخاص، حتى تبدو موضوعاتها ألوانا وجدانية وحكائيّة عبر انزياحات تعبيريّة
خلاقة.
المرأة هي خيار الحطاب ومفتاح للغة التعبيرية الخاصة، فقد انحاز لجهة العمق النفسي والوجداني والتعبير الوجودي، أكثر من أي شيء آخر، وكثيراً ما يقف الفنان مليّاً عند جزئية بعينها لتعبر عن حالة شعورية عميقة، يدفع بها نحو ذروة مداها الحسي والبصري المؤثر، من خلال شخوص التشكيل، ولا سيما المرأة المفتاح التعبيري الأهم لديه.
حلّق الفنان منذ أن فتح باب التشكيل الداخلي على الألوان المشرقة والمحاكاة الهندسية والزخارف، لكن عندما تعلق الأمر بدمج المرأة مع التراث والبيئة كان يعبـر عن حـالات وجوديــة بعيـدة
المدى.
نزعة الفنان نحو الحريّة، وربما الانعتاق جعلته يظهر المرأة عارية في أغلب تشكيلاته، انطلاقا من المحسوس إلى اللا محسوس، من الاحتفاء بالزينة، والزخرفة، وتلقف الرّمز، فكانت رموزه غاية في العمق والبعد الشعبيّ لدى الذاكرة العربيَّة المتعطشة لهذا التراث، المتعلقة بخيوط الرمز، لذا فقد احتفى الحطاب بالزينة والزخرفة التراثيّة بحضور قوي للبيئة والمكان، والتعلق الحميم
بهما.
خاض الحطاب في التجربة الحروفية باعاً طويلاً، لتكون قداسة الحرف مستمدة من لغة وتعابير صوفية، ممازجاً بين اللّون والحرف مع الإبقاء على الإرث الهائل من جمال
كليهما.