زهير كاظم عبود
تشكل المحكمة الاتحاديَّة العليا في العراق عمودا متينا من أعمدة القضاء العراقي، وتجسيدا لمبدأ فصل السلطات الذي نصت عليه المادة (47) من الدستور العراقي، وهذه المحكمة تتمتع بالاستقلالية في إصدار قراراتها، فضلا عن الاستقلالية المالية والإدارية، وبالنظر لهذه الاستقلالية التي يتمتع بها مجلس القضاء، فإن الدستور وضع لها الاختصاصات التي تمارسها في عملها القضائي واختصت هذه المحكمة بالرقابة على دستورية القوانين والأنظمة النافذة، كما أن من بين مهماتها تفسير النصوص الدستورية، وتفصل المحكمة في القضايا التي تنشأ عن تطبيق القوانين الاتحادية، وعلى القرارات والأنظمة والتعليمات التي تصدرها السلطات المختصة، وعلى الإجراءات التي تصدر عن الحكومة، كما تفصل في المنازعات التي تحصل بين الحكومة الاتحادية وحكومات الأقاليم والمحافظات والبلديات والإدارات المحلية، كما تفصل في الاتهامات الموجهة إلى رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء أو الوزراء، وغيرها من الاختصاصات التي نصت عليها المادة (93) من الدستور.
غير أن ما يمنح قرارات هذه المحكمة القوة القضائية والحسم القاطع أن تكون جميع قراراتها باتة وملزمة للسلطات كافة، ولا مجال بعد هذا النص الذي جاء في المادة (94) أن يطعن بالقرارات والأحكام الصادرة منها أمام اية جهة وبأي شكل من الاشكال.
وحين تم النظر بالقضية التي تقدم بها أحد أعضاء مجلس النواب ضد السيد رئيس مجلس النواب، وأمام ما توضح للمحكمة من قرائن قضائية وأدلة وكتب رسميَّة تؤيّد وقائع الدعوى، ولما تميزت به المحكمة من حسمها الدعاوى المعروضة أمامها وفق ما يمليه قانون الاثبات والمرافعات المدنية والقوانين الأخرى التي تضعها المحكمة أمامها عند إجراء المرافعة أو عند الاختلاء لإصدار الحكم الحاسم.
وعلى ضوء ما تقدم أصدرت المحكمة قرارها بإنهاء عضوية السيد محمد الحلبوسي من عضوية مجلس النواب، وينسحب بالتالي قرار إنهاء العضوية إلى إنهاء رئاسته لمجلس النواب، وانتهاء علاقة السيد الحلبوسي من رئاسة مجلس النواب لن يؤثر مطلقا على سير عمل المجلس إذ سيتولى السيد نائب رئيس مجلس النواب الأول رئاسة المجلس ويأخذ محله.
وهذا القرار الصادر من المحكمة الاتحادية العليا لا يقبل التظلم أو الاستئناف أو التمييز أو التصحيح، والمحكمة تملك الحق في إنهاء عضوية النائب اذا وجدت أنّها مخالفة للقانون أو للمبادئ والاعتبارات التي تنص عليها القوانين، ولما كانت المحكمة قد أشارت في حيثيات قرار الحكم إلى وجود حالات من التزوير سيكون اِلزاماً على الادعاء العام ومحاكم التحقيق المختصّة التدقيق في الإشارة التي نص عليها قرار الحكم البات.