الصهاينة يحتلون مستشفى {الشفاء} و{الخُدّج}
• القدس المحتلة: وكالات
قالت وزارة الصحة في غزة، أمس السبت، إن الأطفال الخدج لا يزالون في الحضانات داخل مستشفى الشفاء، ومعهم عشرات المرضى والمصابين، يأتي ذلك بعد ساعات من تهديد قوات الاحتلال بإخلاء مستشفى الشفاء من المرضى واللاجئين والكوادر الطبية، وبدأت عملية الإخلاء بالفعل في ظروف إنسانية صعبة.
ويواجه عشرات الأطفال الخدّج بدورهم ظروفاً صعبة بسبب الحصار الصهيوني المفروض على القطاع، الذي أدى إلى توقّف الخدمات في العديد من المستشفيات بسبب انقطاع التيار الكهربائي وشحّ الوقود ونفاد الأوكسجين، وأعلن وكيل وزارة الصحة في غزة يوسف أبو الريش قبل أيام استشهاد عدد من الأطفال الخدّج، بسبب انقطاع الكهرباء عن المستشفى الذي يعد أكبر المؤسسات الاستشفائية في قطاع غزة، وأعلن المستشفى، الأسبوع الفائت، أن 39 طفلاً من الخدّج لا يزالون في المستشفى، في ظروف صحية غير ملائمة.
بدوره، قال متحدث من داخل المستشفى إن قوات الاحتلال اقتحمت المستشفى، واختطفت جثث 20 شهيداً من المقبرة التي تم حفرها داخل المستشفى وضمت 80 شهيداً، كما أشار المتحدث إلى أن الاحتلال اختطف أيضا جثث 130 شهيداً من المقبرة الجماعية التي تم حفرها في باحات الشفاء.
وقال المدير العام لوزارة الصحة بغزة منير البرش: "نتوجه الآن نحو الجنوب والمشاهد مزرية. حتى اللحظة قطعنا مسافة كيلومترين مشياً والمنطقة مدمرة بالكامل"، واستدرك: "نسمع الجرحى ولا نستطيع مساعدتهم والناس يموتون".
وأفادت إحصائيات لمنظمة "اليونيسيف"، أنّ أكثر من 4600 طفلٍ ارتقوا في غزة وأصيب نحو 9000 آخرين، وذلك في العدوان الصهيوني المستمر على القطاع منذ 44 يوماً.
ومجمع الشفاء يعد أكبر مؤسسة صحية تقدم خدمات طبية في قطاع غزة، وتأسس عام 1946 وتطور مع الوقت فأصبح أكبر مجمع طبي يضم 3 مستشفيات متخصصة، ويعمل فيه 25 % من العاملين في المستشفيات بقطاع غزة كله، ويستقبل حاليا آلاف المرضى والنازحين الذين لجؤوا إليه للاحتماء فيه.
اشتباكات مسلحة
إلى ذلك، نشرت كتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، مشاهد عن استهدافها قوات الاحتلال الصهيوني المتوغّلة في بيت حانون، شمالي قطاع غزة.
وأظهر مقطع الفيديو المنشور استهداف المقاومين جنود الاحتلال وآلياته، بحيث استهدفوا قوةً صهيونيةً متحصنةً في منزل، وأخرى متحصنةً في المدرسة الغربية، بقذائف "الياسين 105" المضادة للتحصينات، محققين إصابات مباشرة.
وتؤكد هذه المشاهد أن الاحتلال ما زال عاجزاً عن السيطرة على منطقة بيت حانون على الرغم من أنّها تقع في الطرف الشمالي الشرقي لقطاع غزة، وهاجمها منذ بداية العدوان من جهتين، وتكبّد فيها حتى الآن خسائر فادحة.
وفي إطار تصديها لقوات الاحتلال في المعارك البرية، أعلنت سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، خوض مجاهديها اشتباكات ضارية مع قوات الاحتلال في محاور التقدم، شمالي قطاع غزة، ومحوري غربي مدينة غزة وجنوبيها.
كما قصفت سرايا القدس التحشدات العسكرية في حي الزيتون، جنوبي مدينة غزة بصواريخ 107، وموقعي "العين الثالثة" و"مفتاحيم"، عند الظهر، برشقة صاروخية مركزة، وفي وقت سابق، استهدفت السرايا 3 آليات عسكرية صهيونية بقذائف "التاندوم"، في محاور التقدم جنوبي غربي مدينة غزة، عند محوري الصبرة وتل الهوى.
وتخوض المقاومة الفلسطينية اشباكات عنيفة مع قوات الاحتلال في محاور غربي غزة، حيث صدّت محاولة توغل لدبابات الاحتلال في اتجاه شرقي رفح وخان يونس.
وليل أمس الأول الجمعة، أعلنت كتائب القسام استهداف 5 آليات جيب عسكرية حاولت التسلل إلى غربي بيت لاهيا، بقذائف "الياسين 105"، وأضافت كتائب القسام أنّ مقاوميها دمّروا آليتي جيب، إحداهما من نوع "وولف"، والأخرى من نوع "ديفندر"، مؤكّدةً "الإجهاز عليهما بالأسلحة الرشاشة من مسافة صفر".
وأكّدت الكتائب تدمير 21 آلية صهيونية، كلياً أو جزئياً، في كل محاور التوغل في قطاع غزة، والإجهاز على قوة للاحتلال متحصنة داخل مبنى في بيت حانون بـ 12 قذيفة "ياسين TBG " مضادة للتحصينات.
وحتى الآن، في حين يفرض جيش الاحتلال رقابةً شديدةً على نشر أسماء قتلاه وجرحاه وصورهم، أشارت وسائل إعلام عبرية إلى مقتل 53 جندياً، خلال المعارك البرية في قطاع غزة، ما يرفع عدد جنوده وضباطه القتلى منذ انطلاق معركة "طوفان الأقصى" إلى أكثر من 375 بحسب بيانات العدو الصهيوني الرسمية.
خبرة المقاومة
وقال الخبير العسكري اللواء فايز الدويري، إن المشاهد التي بثتها كتائب عز الدين القسام الجناح المسلح لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" لاستهداف جنود الاحتلال الصهيوني بمنطقة بيت حانون في قطاع غزة، تعكس خضوع منفذيها لتدريبات متقدمة، مؤكداً أن تأثيرها سيكون "مرعباً" في المجتمع الصهيوني.
ولفت إلى أن هذه المشاهد تظهر بشكل واضح أن صاحب الأرض له اليد العليا في المعركة، لما يمتلكه من مزية معرفة تفاصيل المنطقة، وقدرته على التموضع في أماكن يستطيع منها مفاجأة الطرف الآخر الذي بدوره يجهل المنطقة وتفاصيلها المختلفة.
وبشأن العملية التي كشف عنها "أبو عبيدة" الناطق باسم كتائب القسام - والتي تضمنت الإجهاز على قوة خاصة متمركزة في مبنى ببيت حانون - توقع الدويري، أن تكون تمت من خلال عملية مشتركة لأكثر من مجموعة، لطبيعتها التي شملت إطلاق 12 قذيفة واستهدافاً للجنود بالرشاشات.
وأضاف الخبير العسكري، أنه من المتوقع كذلك أن تكون العملية بنيت على عمل استخباراتي دقيق قامت به مجموعة بالمراقبة والرصد، ثم تسلل مجموعات أخرى إلى الموقع الذي توجد فيه تلك القوة الخاصة، وبعدها جرت عملية الاستهداف بصورة مفاجئة ومربكة للعدو.
شهداء الضفة
ميدانياً أيضاً، اقتحمت قوات الاحتلال الصهيوني أمس السبت، مخيم بلاطة شرقي مدينة نابلس في الضفة الغربية المحتلة، كما سقط شهيد في مواجهات مع الاحتلال في مدينة طوباس شمال الضفة، ليرتفع بذلك عدد الشهداء الذين سقطوا في الضفة الغربية خلال الـ24 ساعة الماضية إلى 13.
وفي وقت سابق، أشار تقرير إلى ارتقاء 5 شهداء في قصف استهدف مخيم بلاطة في وقت مبكر من فجر أمس السبت، كما قصفت طائرة صهيونية مسيرة مقر حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) في شارع السوق وسط المخيم، ما أدى إلى إحداث أضرار كبيرة في المكان.
وقصفت قوات الاحتلال 3 مواقع بمدينة جنين بصواريخ من طائرة مسيّرة، ما أسفر عن استشهاد 3 شبان بينهم قائد في "كتيبة جنين"، التابعة لسرايا القدس.
وليل أمس الأول الجمعة، استشهد 7 فلسطينيين برصاص قوات الاحتلال في محافظتي جنين والخليل بالضفة الغربية، كما اعتقلت قوات الاحتلال عشرات الفلسطينيين، وشددت القيود على الصلاة بالمسجد الأقصى المبارك.
من ناحيته، أعلن نادي الأسير الفلسطيني، أن جيش الاحتلال اعتقل 47 فلسطينياً، ما يرفع إجمالي معتقلي الضفة الغربية المحتلة إلى 2800 منذ 7 تشرين الأول الماضي.
وتشهد أنحاء متفرقة من الضفة الغربية، بما فيها مدينة القدس الشرقية، حملات دهم واقتحامات للقرى والبلدات من جانب الجيش الصهيوني، تصحبها مواجهات واعتقالات وإطلاق نار وقنابل غاز على الفلسطينيين.
المحكمة الجنائية
إلى ذلك، أعلنت المحكمة الجنائية الدولية تقدم 5 دول بطلب للتحقيق في العدوان الصهيوني على قطاع غزة.
وقال المدعي العام للمحكمة كريم خان: إن مكتبه تلقى "طلباً للتحقيق بشأن الوضع في دولة فلسطين صادرا عن الدول الأطراف الخمس، جنوب أفريقيا، وبنغلادش، وبوليفيا، وجزر القمر، وجيبوتي"، وأضاف في بيان "مع تلقي الطلب، يؤكد مكتبي أنه يجري حالياً تحقيقاً بشأن الوضع".
ومنذ 7 تشرين الأول الماضي شن الكيان الصهيوني مدعوماً بغطاء أميركي - غربي عدواناً على قطاع غزة أسفر عن استشهاد أكثر من 12 ألف مدني فلسطيني معظمهم من الأطفال والنساء.
ووفقاً لنظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، يجوز لأي دولة طرف أن تحيل إلى المدعي العام حالة يبدو فيها أن جريمة أو أكثر، من الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة، قد ارتكبت، وتطلب من المدعي العام التحقيق في الحالة لغرض تحديد ما إذا كان ينبغي اتهام شخص محدد أو أكثر بارتكاب مثل هذه الجرائم.
وقال المدعي العام للمحكمة: "منذ بداية ولايتي في حزيران 2021، قمت لأول مرة بتشكيل فريق مخصص لدفع التحقيق بشأن الوضع في دولة فلسطين"، وأضاف، أن تفويضه سينطبق على الجرائم التي يُشتبه بأنها ارتكبت خلال العدوان الصهيوني الحالي على قطاع غزة.
قلق الأمم المتحدة
هذا، وأعرب ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، عن القلق العميق إزاء العمليات الجديدة لجيش الاحتلال الصهيوني على جنوب غزة وتأثيرها في المدنيين، مؤكداً أنه ليس هناك مكان آمن في القطاع، في حين قال مصدر أممي آخر إنه لا يمكن تبني اقتراح الدولة العبرية بإنشاء "منطقة آمنة" جنوبي قطاع غزة.
وأكد دوجاريك أنهم يراقبون الأوضاع في غزة عن كثب، وقال: "نكرر دعوتنا (إسرائيل)، كما فعلنا من قبل، إلى ضرورة حماية المدنيين في جميع الحالات"، وبيّن أن الأمم المتحدة تعارض النقل القسري للفلسطينيين من غزة.
من جهته، قال المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة فولكر تورك، إنه لا يمكن تبني اقتراح (إسرائيل) بشأن منطقة آمنة جنوبي قطاع غزة، جاء ذلك في كلمة، ليل الجمعة، خلال جلسة للأمم المتحدة بشأن الأوضاع الإنسانية في غزة، وأوضح، أن الاقتراح (الإسرائيلي) بشأن ما تسميه "منطقة آمنة" لا يمكن تبنيه، وأضاف أن المنطقة ليست آمنة وليست مناسبة لعدد النازحين.
وكانت الدولة العبرية أرسلت تحذيراً جديداً للفلسطينيين في مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة، وطالبتهم بالتوجه إلى الغرب بعيداً عن مرمى النيران وحتى يكونوا على مقربة من المساعدات الإنسانية، بحسب زعمها.
وقال مارك ريجيف، أحد مساعدي رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو، لشبكة "إم إس إن بي سي" الإخبارية الأميركية: "نطلب من الناس الانتقال. أعلم أن الأمر ليس سهلاً بالنسبة إلى كثيرين منهم، لكننا لا نريد أن يقع المدنيون في مرمى إطلاق النار"، بحسب زعمه.
قروض الدولة العبرية
في غضون ذلك، كشفت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية عن أن الدولة العبرية اقترضت 6 مليارات دولار في الأسابيع الأخيرة من خلال صفقات تم التفاوض عليها بشكل خاص للمساعدة في تمويل حربها على قطاع غزة.
وأشارت الصحيفة، إلى أن تل أبيب اضطرت إلى دفع تكاليف اقتراض مرتفعة بشكل غير عادي لإنجاز تلك الصفقات، ونقلت عن مستثمرين قولهم إن السندات الأخيرة تم إصدارها تحت ما يسمى بالاكتتابات الخاصة، وهي عملية لا يتم من خلالها عرض الأوراق المالية في السوق العامة، بل يتم بيعها بدلاً من ذلك لمستثمرين مختارين.
ويدرس الكيان الصهيوني تقليص عدد أفراد قوات الاحتياط في الجيش الذين تم استدعاؤهم للحرب على قطاع غزة، وذلك بسبب التكلفة الاقتصادية المرتفعة، وفق ما أفادت به هيئة البث العبرية، وأضافت أن ذلك يأتي بسبب التكلفة الاقتصادية المرتفعة والأضرار التي لحقت باقتصاد البلاد جراء تغيب عناصر تلك القوات عن منازلهم وأماكن عملهم.
وقالت الهيئة إن التكلفة المباشرة لمرتبات جنود الاحتياط نحو 5 مليارات شيكل (1.3 مليار دولار) شهرياً تضاف إليها تكلفة فقدان أيام العمل لهؤلاء الجنود، وتقدر بنحو 1.6 مليار شيكل (427 مليون دولار).
وتظهر الأرقام تكبد تل أبيب خسائر اقتصادية كبيرة بسبب الحرب التي تشنها على قطاع غزة، فقد تهاوت أغلب المؤشرات، من البورصة إلى العقارات والمصارف، فضلاً عن تراجع عملة الشيكل وسوق العمل وأداء شركات التكنولوجيا.
وساطة قطرية
دبلوماسياً، تلقى أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني اتصالاً هاتفياً من الرئيس الأميركي جو بايدن، بحثا خلاله تطورات الأوضاع في قطاع غزة، والجهود الجارية لزيادة تدفق المساعدات الإنسانية الماسة، ومسألة المحتجزين لدى حركة المقاومة الإسلامية "حماس".
وقالت وكالة الأنباء القطرية (قنا)، إن أمير قطر والرئيس الأميركي بحثا تطورات الأوضاع في غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة، إضافة إلى بحث العلاقات الستراتيجية بين البلدين وسبل دعمها وتطويرها والمستجدات الإقليمية والدولية.
وأشار البيت الأبيض - في بيان - إلى أن الزعيمين ناقشا الجهود الجارية لزيادة تدفق المساعدات الإنسانية المطلوبة بشكل عاجل إلى غزة "وقرار (إسرائيل) استئناف توصيل الوقود من أجل المساعدات المنقذة للحياة" بناء على طلب أميركي، كما تطرق الزعيمان - وفق بيان البيت الأبيض - إلى الحاجة الملحة للإفراج عن جميع المحتجزين لدى حركة حماس "من دون أي تأخير".
وكان بايدن أبدى الأربعاء الماضي، "تفاؤلاً معتدلاً" بإمكان توصّل تل أبيب و"حماس" لاتفاق على إطلاق سراح بعض المحتجزين في غزة.
وتقود قطر وساطة في ملف المحتجزين، وقد أطلقت كتائب القسام محتجزتين أميركيتين لـ"دواع إنسانية" استجابة لجهود وساطة قطرية في 20 تشرين الأول الماضي.
وتقول "حماس" إن لديها 200 أسير، في حين تحتجز فصائل مقاومة أخرى في القطاع 50 آخرين، وقالت إن أكثر من 20 محتجزاً قتلوا في الغارات الجوية الصهيونية المستمرة منذ 44 يوماً.