العدوان وفضائح الكيان الصهيوني

قضايا عربية ودولية 2023/11/19
...

علي حسن الفواز

تعددت فضائح جيش الكيان الصهيوني، وباتت ادعاءاته عن الانتصار محطَّ سخريةٍ، ليس لأنه مارس سياسة الحرق والسحق والتدمير للمدنيين وللمؤسسات الصحية والإنسانية دون نتائج تُذكر، بل لأنه فشل في تسويغ جريمته للعالم، وفي السيطرة الكاملة على الأرض، وحتى في تأكيد كشفه لأنفاق الأسلحة في غزة، وفي تبرير قصفه ودخوله إلى مجمع الشفاء الطبي تحت يافطة أنه مقرّ لـ»كتائب القسام».
هذا المُجمّع الطبي تحول إلى سجن كبير، ومديره يقول إنه تحوّل إلى مقبرة كبيرة بعد قيام العاملين بحفر قبور لجثامين الشهداء، وان ما مارسه جُند الاحتلال يفوق في خطيئته كل الأعمال المشينة التي تنتهك حقوق الإنسان، والتنكيل بكل العاملين الذين يقومون بالخدمات الإنسانية، ومنها خدمات القبور.
هذه “التراجيديا السوداء” كشفت أيضاً عن مدى الغرائبية التي تمارسها الولايات المتحدة في دعمها للكيان الصهيوني، ودفاعها عن جرائمه، والوقوف بوجّه القرارات الدولية التي تدعو إلى وقف إطلاق النار، وآخرها الفيتو الذي اتخذته ضد مشروع القرار الروسي، والامتناع عن التصويت على القرار الذي قدمته “مالطا” والذي تضمن الاكتفاء بـ”هُدنٍ” إنسانية  مع الدعوة إلى إطلاق المحتجزين، وهذا ما يجعل الاستخفاف الدولي بحقوق الإنسان، عنواناً لانهيار قيم المجتمع الدولي مع استمرار مسلسل الإبادة ضد الشعب الفلسطيني.
الفشل الصهيوني في مواجهة الحقائق والذهاب إلى تزييف ما يجري في حادثة مُجمّع الشفاء، يجعل من التسويق الإعلامي للجريمة يبدو وكأنه نوعٌ من أفلام السيد هتشكوك، القائمة على مشاهد الرعب، وتقديم الصور التي تُثير الفزع، لكن المخفي في ذلك أنَّ هذه السينما كانت تتضمن نقداً للجريمة، ونقداً للقوى الغامضة التي تقف وراءها، وهذا ما يجعل الكيان الصهيوني مأخوذاً بالحلول الدرامية التي تُبرر ربط جريمة الواقع بجريمة السينما. لكن تصاعد الرأي الرافض للجرائم الصهيونية تحول إلى عنصر ضغط لفضح ما يجري ولتعرية كل مسوغات الكيان الاحتلالي، فهذه الجرائم لم تعد سينمائية!! بل أضحت تُعد انتهاكاً صريحاً للأعراف الدولية ولحقوق الشعوب، ولتدمير الممتلكات العامة، ولسياسة الإرهاب التي لا تختلف عن إرهاب “الدواعش” الذين يمارسون الكراهية والتكفير، وهذا ما يجعل العدوان الصهيوني على غزة وقتل الآلاف من المدنيين من الأطفال والنساء، وهدم المستشفيات وقتل العاملين فيها هو الإرهاب بعينه، والغلو الذي يجعل من فكرة كراهية الآخر وقتله بهذه الطريقة المجانية عنواناً لسياسات وممارسات ممنهجة تقوم على نوايا الطرد والمحو والتهجير من الأرض التي يسكنها تاريخياً.