بغداد: نوارة محمد
ثمة متطلبات ومفاهيم خاصة في حقول الأدب، لكن الأمر لا يبدو بهذا الشكل في الترجمة، ففي ظل الاستسهال المعلوماتي ووجود الوسائل الالكترونية المساعدة الأخرى جعلت الترجمة مستعجلة وغير موثوقة.التداعيات بشأن التشويه والتحريف التي تتعرض لها النصوص المترجمة في عالمنا العربي تزداد وتعدد سُبل السرقات الأدبية، بدءا من الرواية والنص المسرحي، ووصولاً إلى الشعر والمقالات الصحفية جعل كثيرون يعدون هذا الفعل خرقاً للأمانة ويحملون النقد الثقافي مسؤولية الكشف عن خبايا هذه الممارسات.
في هذا السياق يقول المترجم والشاعر والأكاديمي الدكتور هيثم الزبيدي: ربما وجد البعض أن الترجمة عن الأعمال الأجنبية طريقاً سهلاً للوصول، هذا الحقل الذي يتيح فرصة التحايل والتحريف والتشويه (عند ترجمة النص الأصلي)، يثير ملفات أخرى تقع في مقدمتها العشوائية والفوضى التي تميز بها عالمنا العربي. ويعود الزبيدي للقول :الترجمة هي واحدة من انعكاسات المشهد الثقافي الراهن، الذي يفتقر إلى الأمانة، والاستهانة وعدم الانصياع إلى القوانين صارمة.»
وهذه الثغرات التي لا تتوقف عند حادثة سرقة معينة أو ترجمة ركيكة تكشف إن هناك تحولات مفصلية تشهدها معايير الترجمة، فسرعان ما اتجه حقل الترجمة بشكل أو بأخر إلى الربح المادي، بدلا من اغناء الثقافة العربية بما هو جديد ومهم، لاسيما بعد ثورة التكنلوجيا الرقمية، التي أتاحت مواقع مجانية للترجمة، الأمر الذي أدى وقوع بفخ الاخطاء اللغوية و القواعدية الجسيمتين، على حد وصف الكاتب والناقد علي حسين لقد “وجدنا الكثير من الترجمات تفتقد روحية النص الذي ترجمت عنه فبعض المترجمين غير ملمين بالعربية وفنونها وقواعدها وبلاغتها بفعل التطبيقات الكترونية للترجمة، مما دفع القارئ إلى المقارنة بين الاعمال الادبية لِكبار الادباء من المترجمين وبين مترجمي التطبيقات الرقمية”.
ويظن حسين أن المترجم لم يعد يمارس هذه المهنة بحسب رغباته ودوافعه الشخصية، “اليوم يختار الناشر عناوين الكتب، ويشتري حقوق ترجمتها ويفرضها على المترجم»، وفقا لرأيه. وعلى العكس من ذلك، فقد يرى البعض أن هذه الظاهرة محدودة، لأن كِبار المترجمين عُرفوا بجهودهم الحقيقية، ولهم باع طويل في الترجمة على عكس الطارئين، الذين سرعان ما ينكشفوا تتضح الرؤية لدى الجمهور بحسب المترجم والكاتب فاضل ثامر الذي يؤكد لـ (الصباح) “يجب أن نجدر بالإشارة إلى أن الترجمة تكتسب قيمتها من كونها أبرز جسور التواصل بين الشعوب، بالثقافات البشرية ومجتمعاتها كافة، رغم المسافات والأجناس والاختلافات العقائدية”، مشيراً إلى أن الفكرة تُكمن في الحفاظ على الهوية وهذا ما جعل المترجمين من أصحاب السير الذاتية الكبيرة ممن قضوا سنوات حياتهم في الترجمة، يزاولون هذه المهنة. هذه الثغرات التي يرتكبها الطارئون تنكشف عاجلاً أم أجلا ولا يبقى لهم سوى الأثر الطفيف».ومن أجل تفادي الوقوع بمثل هذه الأخطاء يدعو ثامر الجهات المعنية الكشف عن النصوص الاصلية قبل نشرها، الحل يكمن في إلزام المترجم إرسال نسخة من النص الأصلي بلغته لكي يقوم المحرر بتدقيق الترجمة والتأكد من دقتها وسلامتها. أكانوا أصحاب دور نشر أو نقابات الأدباء
والكُتاب.