وليد خالد الزيدي
لم يذهب الاوربيون بعيداً في مسألة النظر بشكل ايجابي إلى قضايا الشعب العربي في مجمل الأحداث التي تجري في المنطقة العربية والأزمات التي تمر بها ولم تحقق أدنى مستويات العدالة في علاقاتهم المتبادلة مع الحكومات والشعوب العربية
التي تعدها صديقة وافصحت عن ذلك الاحداث التي تجري اليوم في فلسطين والصمود الأسطوري لشعبها الصابر الذي يقبع تحت ظلم الاعتداءات المتكررة من قوات الاحتلال الصهيوني بل حتى احيانا من السكان اليهود في المناطق العربية المحتلة، وكذلك السكوت المتعمد من الاوربيين تجاه الاساليب العدوانية التي يمارسها الاحتلال ضد العرب ليس في فلسطين فحسب بل امتدت لأكثر من ذلك لتشمل سوريا والجنوب اللبناني، فضلا عن الحصار الجائر والعدوان المتكرر على قطاع غزة وهمجيَّة المحتلين في القدس على مدى العقود الماضية.
شكل الاوربيون مع الولايات المتحدة محورا ذا ثقل كبير في منطقة الشرق الاوسط اتخذ على الدوام الانحياز لصالح الصهاينة وبالضد من مصالح الدول العربية لا سيما تلك القريبة من الحدود المفترضة لهذا الكيان الغاصب ما شكل تحديا كبيرا لبلدان المنطقة وقلب موازين القوى لصالح الدولة الصهيونية التي ما عادت تنظر لشيء سوى نزعتها التوسعية بغض النظر عن رؤية المجتمع الدولي في مجمل قضايا الامن والاستقرار العالميين، والذي أخذ يدرك مع كل بلدان المنطقة أن مواقف معظم حكومات دول أوروبا وممارسات قوات لاحتلال اصبحتا تمثل تحديا واضحا للإرادة الدولية إلى درجة منع لجان التحقيق الدولية الخاصة بالقضية الفلسطينية والاعتداءات السافرة ضد شعبها من القيام بعملها بشكل سليم كما أن استطلاعات الرأي العام الأوروبي انقلب على قياداته واعتبر النزعة الصهيونية أكبر خطر يتهدد العالم بأسره وحتى من داخل المجتمع الامريكي الذي أخذ يدرك الارادة المحمومة لقادته وزعماء الدول الغربية لتمرير حماقات وجرائم قادة الاحتلال التي اظهرت حقيقته وطبيعة سياسته العدوانيّة.
لم تكن مواقف الدول الاوروبية تتعلق بما يجري حاليا من احداث في الاراضي الفلسطينية المحتلة بل إنها تجلت منذ صدور إعلان قمة البندقية عام (1980) الذي صدر عن الجماعة الاقتصادية الأوروبية ومنظمة التحرير الفلسطينية وحقها في الارتباط بمبادرات السلام الذي اعتبر قضية حل الدولتين عنصرا وحيدا لإنهاء النزاع بشكل عادل وفق المصلحة الدولية لكن أوروبا سارت على النهج الامريكي في قولبة تلك الارادة وعمدت إلى تشكيل موقف جديد تمثل بحراكها على محورين الأول هو الاعتراف الرمزي وغير الملزم من برلماناتها بدولة فلسطين بينما تمثل المحور الثاني بإحباط وإجهاض أي توجه يتعارض مع ارادة الكيان المحتل لا سيما في ما يجري في المنظمة الدولية ونقض القرارات الاممية التي تدين السلوكيات العدوانية لقوات الاحتلال في فلسطين، وهذا امام مرأى ومسامع الشعب العربي وقادته الذين مازالوا يؤمنون بالحلول
الغربية.
الشعب العربي أدرك بما لا يقبل الشك أن الدبلوماسية الاوروبية ووساطاتها على مدى سنين طويلة بين قادة الاحتلال والقيادات الفلسطينية لم تخرج عن الوعاء الذي وضعت نفسها فيه كوسيط غير محايد لا يمكن أن يحقق السلام أو يعطي الحق لصاحبه أو يحترم إرادة الشعب العربي الذي طالما نظر إلى احتلال فلسطين قضية قومية ومحورا اساسيا لحلول مشكلات المنطقة برمتها.