العدوان والحرب المفتوحة

قضايا عربية ودولية 2023/11/21
...

علي حسن الفواز

اتسعت مديات الصراع الإقليمي، ولم يعد أيّ شيء آمناً على الجبهات، إذ فتح العدوان الصهيوني البشع على غزة الأفقَ لحروبٍ شتى، تاريخية ونفسية وأخلاقية، كشفت عن توحُّش الليبرالية الأميركية والغرب الرأسمالي، وعن عنصرية الكيان المحتل، مثلما كشفت عن رثاثة السياسات العربية، وضعفها في مواجهة هذا التوحُّش مقابل تفجّر الحراك الشعبي للشعوب العربية، وللكثير من أصحاب الضمائر الإنسانية في العالم، والتي أسهمت في صناعة رأي عام ضاغط أحرج حكومات دول الغرب الأميركي وعرّى مواقفها المعادية للإنسانية وسكوتها المشين على الجرائم الكبرى التي يرتكبها العدوان الصهيوني على الفلسطينيين، وتدميره للبنى التحتية والمؤسسات الصحية والخدماتية.
توسّع الصراع أطلق العنان للمكبوت الثوري، ولعديد المواقف الرافضة للعدوان الصهيوني في التعبير عن خطابها، وربما عن إجراءاتها العسكرية لمواجهة هذا العدوان، وللصمت الدولي، فما يحدث في جنوب لبنان من قصف للمستوطنات الصهيونية وللتجمعات العسكرية، قابل للتفجّر ولتحويل المنطقة إلى ساحة حرب مفتوحة، لكن أخطر تلك التداعيات ماحدث في البحر الأحمر، حيث نجحت القوات البحرية اليمنية في احتجاز سفينة إسرائيلية في أعماق البحر الأحمر، وعلى متنها 52 شخصاً من جنسيات مختلفة.
كان هذا الحدث سبباً لإحداث صدمة كبيرة، على مستوى الكيان الصهيوني، أو على مستوى الجانب الدولي، لأنه يعني دخولاً فاعلاً في الصراع، مثلما يعني للسياسة الأميركية تحدياً كبيراً لمصالحها في المنطقة، وهو ما تخشاه الولايات المتحدة، وحتى الكيان الصهيوني، لأن فتح الجبهات سيدفع إلى تعرية الهشاشة الصهيونية، وإلى دفع دول أخرى للتورط بالصراع، وتحت يافطة الدفاع عن المصالح، وهو ما قد يخلط الأوراق ويُعرّي الصهاينة الذين خرقوا كل المعايير والقيم، وانتهكوا كل القوانين الدولية، والاتفاقيات التي وضعتها الأمم المتحدة، وهو ما دعا أمينها العام إلى التأكيد على الوقف الفوري لإطلاق النار في غزة للحدّ مما يجري فيها من جرائم حرب، ومن انتهاكات مخجلة للضمير الإنساني، وضمان إيصال المساعدات الإنسانية إلى المحاصرين في العراء وفي المشافي.
إن استمرار العدوان يعني الدخول في خيارات تلك الحرب المفتوحة، وأن استمرار الفرجة الدولية، والدعم الغربي للصهاينة سيتركان آثارهما الخطيرة على معطيات العلاقات الدولية وعلى المصالح، وربما ستكون سبباً في تفجير أزمات اقتصادية جديدة، لاسيما مايتعلق بتوريد النفط والممرات التجارية ومراجعة المواقف من الدول التي شاركت في العدوان.