عن استهداف المعسكرات الأميركيَّة في سوريا والعراق

آراء 2023/11/22
...







 عبد الحليم الرهيمي


عمدت مجموعات مسلحة عراقية، بعد قيام «حماس» بعملية (طوفان الاقصى) في السابع من شهر اكتوبر ‏المنصرم، ورد اسرائيل القاسي والاجرامي على الشعب الفلسطيني في غزة ثم في الضفة الغربية، عمدت إلى ‏تصعيد متواتر في استهداف تواجد المدربين والمستشارين الاميركيين في القواعد العسكرية العراقية فضلاً عن ‏قاعدتي عين الأسد في الانبار والحرير في اربيل، وذلك اضافة لاستهداف هذه الجماعات مع جماعات ‏مسلحة اخرى في سوريا لاستهداف القواعد العسكرية الاميركية 

هناك. 

وقد بلغ عدد تلك الهجمات بالصواريخ ‏والقذائف والطائرات المسيرة 61 استهدافا حتى بداية الاسبوع الحالي حسب متحدث باسم وزارة الدفاع ‏الاميركية (البنتاغون)، وذلك من دون احداث اضرار بليغة أو ضحايا كما اشار المتحدث إلى ذلك، لكنها مثلت ‏تحديا كبيرا لواشنطن وتواجدها في المنطقة.‏

وتثير هذه الاستهدافات وتكرارها المتواتر من قبل جماعات عراقية مسلحة وخاصة استهداف قاعدتي عين ‏الأسد في الانبار وحرير في اربيل تساؤلات كبيرة للمواطنين العراقيين والمسؤولين في الدولة العراقية، عن ‏أسباب وأهداف هذه الاستهدافات بينما يمر العراق وشعبه في ظروف حساسة وقلقة جراء العدوان الاسرائيلي ‏على قطاع غزة الفلسطيني وتداعياته المحتملة العراق، وكذلك التساؤل حول موقف واشنطن المقتصر على ‏الانذار والتهديد ضد هذه الجماعات، فضلاً عن تحذير الحكومة العراقية من الأخطار المترتبة على الاستمرار ‏بهذه الاستهدافات والتوضيح لها كذلك: بأن هذه الاستهدافات ليست موجهة فقط ضد التواجد الاميركي إنما أيضاً ضد سيادة واستقلال العراق، الامر الذي يتطلب من الحكومة العراقية مواجهته وردعه. 

وقد أبلغت هذه ‏التحذيرات والتنبيهات إلى الجماعات المسلحة ذاتها من جهة، والى الحكومة العراقية من جهة اخرى، بشكل ‏مباشر وغير مباشر.‏

كان رد الحكومة الطبيعي والمسؤول هو الاعلان عن اصدار الاوامر للجهات الامنية لملاحقة هذه الجماعات ‏واعتقالها، لكن هذا القرار ووجه بالرفض والتأكيد على القيام بتلك الاستهدافات بحجة وذريعة ضرب العدو ‏الاميركي المتحالف مع العدو الاسرائيلي لتخفيف الضغط على غزة كجزء من قوى (الممانعة) التي التزم معظم ‏أطرافها الصمت والنأي عن الاستجابة لنداءات حماس كما فعلت التنظيمات اللبنانية والفلسطينية المسلحة في ‏لبنان مكتفية بدور القيام بمناوشات فحسب ضد اسرائيل، بمواقف وصفها المحللون بالبراغماتية أو (العقلانية) ‏وبأوصاف أخرى!.‏

ولتأكيد موقف الحكومة الرافض لهذه الاستهدافات وتبريرها أكد رئيس الحكومة في كلمته التي ألقاها امام ‏السفراء العراقيين في الخارج في اجتماعهم الدوري الذي عقد أوائل هذا الشهر في بغداد، إذ أكد أن القرارات ‏الكبرى الامنية والعسكرية وغيرها هي من صلاحيات الحكومة الرسمية حصراً ولا يجوز لأي كان القيام بها ‏بدلاً عنها.‏

ورغم ذلك فإن التساؤلات الكبيرة والاستفهامات التي يطرحها العراقيون، وغيرهم تتركز على تساؤلين أولهما: ماذا ‏تريد الجماعات المسلحة من استهدافاتها تلك رغم تحذيرات الحكومة العراقية والاميركيون لها في آن واحد؟

للإجابة عن التساؤل الأول أن الحجج التي تسوقها المجموعات المسلحة للأعمال التي تقوم بها هي لنصرة ‏غزة ضد العدوان الاسرائيلي عليها لكن من دون أن تجيب لماذا لا تستهدف القوات الاسرائيلية ذاتها ولها الامكانية ‏المادية والعسكرية والأرض التي تتحرك منها في سوريا وجنوب لبنان وهم حلفاء في جبهة (الممانعة لا جواب‌‏!.‏

أما التساؤل الثاني عن أسباب اكتفاء الاميركيين بالانذارات والتحذيرات من دون القيام بردع هذه الجماعات ‏وارغامها على التوقف عن استهدافاتها، فلم يجب عليه الاميركيون مباشرة لكن معظم المحللين يفسرونه ‏بالانتظار لتوقف الحرب على غزة لانهم لا يريدون رداً عسكرياً على الاراضي العراقية لان العراق حليف ‏ستراتيجي لهم ولهم علاقة شراكة معه كما يؤكدون دائماً، وذلك فضلاً عن الرغبة أو القرار بعدم توسيع الحرب ‏على غزة لتشمل العراق واحتمالات أن تؤدي لتدخلات اقليمية توسع من رقعة الحرب وهي الرغبة أو القرار ‏الذي تعمل بموجبه واشنطن كما يبدو من تعاملها مع إيران ومع حزب الله في لبنان والمسلحين في سوريا، ‏وهذا ما يطرح على الجماعات المسلحة العراقية أن تفهم وتدرك حقيقة الاوضاع ومواقف واشنطن والعراق ودول ‏الاقليم عسى أن تجنب العراق وشعبه تبعات ارتكاب المواقف الخاطئة من دون تقدير تبعاته المدمرة للعراق

‏والعراقيين!. ‏