د عدنان لفتة
يفخر العراق بقطعتين من تاريخه الرياضي ينضمان رمزياً إلى نحو 12 ألف موقع أثري تشكل إرث بلاد الرافدين وحضارته الخالدة.
ملعبا الكشافة والشعب، حكايتان تؤرخان مسيرة رياضتنا وكرتنا على مدى أكثر من تسعة عقود في صفحات الزمن، أنهما التاريخ إن حكى، ملعب الكشافة المتأسس عام 1931 وفي روايات أخرى نهاية العشرينيات قصة عراقية حفرت اسمها على معالم الزمن الكروي الناصع، وملعب الشعب تأسس عام 1966 وهو صرح رياضي مثل الملعب الأكبر في الخليج العربي لسنوات طويلة.
ملعبان عريقان نزهو بهما للتاريخ ، يعيشان اليوم في الظل رغم كل حملات الاعمار التي تخصص لملعب الشعب وتحوله إلى ملعب يكافح تحولات الزمن ليبقى انيقاً، شامخاً لم تثلمه العاديات، بينما توقف ملعب الكشافة عن احتضان الأحداث الرياضية وبات نسياً منسياً جرَّاء الإهمال الذي أصابه وعدم الاهتمام به كمعلم حضاري لا يستحق هذا الجفاء.
ولأننا نعيش عصراً مثالياً في اهتمام الحكومة ورئيس الوزراء محمد شياع السوداني المتفاعل مع البنى التحتية والخدمات المقدمة للمجتمع، فإننا ندعوه إلى مبادرة لحفظ التاريخ وتعميق رموزنا الحضارية وارثنا الخالد عبر المبادرة إلى إعادة بناء ملعب الكشافة بنفس شكله الأثري وبمواصفات متطورة وزيادة سعته إلى 60 أو 70 ألف متفرج لإحياء هذه المنطقة التاريخية في قلب العاصمة بغداد ( الكسرة) واستثمارمساحة الملعب لإنشاء معلم تاريخي يحفظ عراقة ملعب الكشافة ويعيده إلى الحياة بصورة زاهية تعيد لبغداد ألقها الرياضي بعد أن تأخرت عن المحافظات الأخرى لغياب الملاعب العملاقة عنها.
وعلى اتجاه مماثل خضع ملعب الشعب لحملات إعمار كثيرة لإبقائه على قيد الحياة، هي في الحقيقة حملات لتحسين الشكل فقط لكن المخاوف قائمة من أسس الملعب العتيقة والبناء والهياكل الخرسانية فيه، الأفضل برأينا هدم الملعب وبناء ملعب جديد بسعة 100 ألف متفرج استثماراً لموقعه الستراتيجي وقربه من أغلب مناطق العاصمة وكونه في منطقة رياضية خالصة بالقرب من قاعة الشعب المغلقة ومسبح الشعب الأولمبي.
ملعب يعيد الحياة والأنظار إلى بغداد ويرفع من أسهم الملعب العريق لينهض مجدداً بصورة تضعه على قمة الملاعب في الشرق الأوسط والعالم.
العراق قادر على كتابة التاريخ مجدداً، قادر على اعتلاء قمة المجد الرياضي بملاعب تاريخية وصروح حضارية سيخلدها الزمن.
هي ليست مجرد ملاعب إن امتدت يد الإعمار إليها، بل ستكون ملاذاً للشباب والعائلة العراقية، مواقع نفخر بها تتحول من الإهمال إلى الاهتمام، من الغروب إلى الشروق، من اليأس إلى الأمل، من المرض إلى العافية.
نقلتان إعماريتان ستغيران الملامح وتعيدنا إلى عمق التاريخ المشرق الجميل، ما أجمل أن نبادر إلى الإعمار ووضع بلدنا في مواقع الريادة التي يستحقها، إنها خطوات تستدعي أن نتفاعل معها جميعاً كي نكسب جولة مهمة في تراث الوطن تمهِّد لمشاريع أكبر في مختلف مناحي الحياة تؤسس لنهضة شاملة نفخر بها وتصنع السعادة في ربوعنا.