الانتخابات المحليَّة ليست للتغيير

آراء 2023/11/22
...

 زهراء كاظم الصدر 


إنَّ استمرار المطالبة الشعبيّة بالتغيير تبدأ أساساً من شعارات الطبقة السياسية التي ناغمت الجمهور بأفكار التغيير كنوع من الترويج لشخوصها الجدد الذين تتبناهم وتمكنهم للانخراط بالميدان 

الحكومي.

وهي بحد ذاتها نقلة نوعية وتقدم يحسب للجميع لأنّهم وصلوا لمرحلة التقبّل والعمل على زجِّ الدماء الجديدة بالحكم وبالسلطة التنفيذيّة، الأمر الذي كان شبه مستحيل أول التحرر من النظام الديكتاتوري المباد.

ومن القوائم المغلقة ومن حصر النفوذ بأسماء معينة بدأت تتعافى «المنهجية السياسية» شيئا فشيئا حتى بات الشعار من القيادي المعارض إلى القيادي الشاب كرمز للتمكين والحداثة والتجديد.

لهذا يجب أن نكون واثقين من العمل السابق الذي انتجته الديمقراطية العراقية والتي واجهت الصعوبات والعوائق الكثيرة، بدءاً من التعافي من الحكم القمعي الذي امتدّ لعقود إلى التأقلم السلمي وحتى الممارسة المبتدئة ثم المحترفة.

بعد أن اتهمت مجالس المحافظات بأنّها حلقة زائدة وقع بلدنا تحت طائلة الإهمال العلني للمحافظات، ازدادت المشكلات وتلكأت آلاف المشاريع وهدرت مليارات الدولارات، وبدل أن تحصل على دعم مالي لاعمار وتنمية المحافظات بعد التخلص من مصاريف مجالس المحافظات كرواتب وحمايات وعجلات ونثريات صدمنا بواقع فقد القدرة على محاسبة المقصرين في المحافظة والجهات التي تراقب وتتابع عملهم، وتحول عضو مجلس النواب إلى خادم محلي بدل ممارسة الدور الحقيقي ألّا وهو التشريعي من أجل ضمان مسك جمهوره وفوزه بالانتخابات.

بعد تجربة الحكومة الحالية من مشروع تنمية المحافظات أصبح من الواجب أن تسخر أداة حكومية رسمية لاستدامته، خصوصاً بعد عدة تجارب من تعاقب الحكومات واهمال المشاريع التي تخدم المحافظة خوفاً من احتساب فضلها لجهة معينة من دون أخرى، من دون مراعاة المستفيد الاساسي منها وهم المواطنون. 

إذ بات الآن من الواجب وجود مجلس منتخب يشرف ويتابع ويستمر في عملية تنمية كل محافظة بمدنها واطرافها واقضيتها ونواحيها. 

إنّ التفاؤل المحسوس حول انطلاق الحملات الاعلامية للمرشحين والتي سبقها مدة طويلة من المباحثات والعمل والمفاوضات حول اقامتها والقانون الذي سيعتمد والمفوضية العليا للانتخابات وجميع القضايا الجدلية التي طرحت وأثيرت حتى تكلل الامر بالنجاح كان وحده إشارة نصر على جميع الاصوات التي راهنت على عدم اقامتها وقطع سبيل مضيها، لكن هذا الأمر من المعلوم والمؤكد أن لايقف عند هذا الحد، ولن تعتبر الاطراف المعارضة لاقامة انتخابات مجالس المحافظات أن المعركة انتهت أو أن الوقت قد مضى، بل بالعكس سنشهد حملات شرسة ومنظمة وبعدة مستويات.  

وليس استشرافا بقدر ما هو قراءة واقعيّة لنوع التحديات ومن يفرضها في الساحة العراقيّة. 

ويبقى هذا التحدي حملا ثقيلا على عاتق المرشحين بالدرجة الاولى ومن ثم المواطنين ممن يعيش تحت ضغط الظروف المعيشية الصعبة في مدنهم ويحتاجون إلى رعاة للبناء والتقدم والاعمار، وهم قد يكوّنون مع ظروفهم تجارة يسعى إليها بعض المرشحين لكسب الصوت الانتخابي.  

وهنا يكمن التحدي المضاعف ما بين استغلال الحاجة والحاجة إلى من يقضيها.