التسرب المدرسي... تمرد طلابي ومستقبل مجهول

اسرة ومجتمع 2019/05/14
...

بغداد/ مآب عامر
شهدت بعض المدارس مشكلات كثيرة، كان ضحيتها الطلاب. فقد تسرب الكثير منهم ودخلوا في العمالة غير الشرعية، كما عانت طالبات بعض مدارس البنات من الانحراف السلوكي وحالات التحرش، ولا يعتبر التحرش الجنسي الوحيد في مدارس البنات، إذ لمدارس الذكور حالات متكررة أيضاً. 
فهل باتت القضايا المتعلقة بالتربية: التحرش، والتسول، والعنف الأسري، وغيرها بحاجة إلى ستراتيجية عمل للحد من الخروقات التي تشتت المجتمع والاسر البغدادية؟  
ويبدو أن هناك الكثير من المنظمات المدنية والجمعيات التي تعنى بإيجاد الحلول لهذه المشكلات كالمجموعة البغدادية التي طالبت بوضع قرارات صارمة فيما يخص التعليم الالزامي، وإعادة تفعيل قانون التعليم الالزامي الذي ينص على حبس الأب لمدة ثلاث سنوات كعقوبة لعدم استمرار ابنه في الدراسة الى مراحل المتوسطة.  
 
الأخطاء التربويَّة
وركز رئيس الجمعية الدكتور عدنان السراج خلال حديثه على إيجاد فرص عمل مشتركة مع مديرية الشرطة المجتمعية، “كون التربية ذات أهمية لبناء أجيال المستقبل”، مع أهمية وضع اقتراحات وحلول من قبل المتخصصين.  
مضيفاً: انه يهتم كثيراً بطرح هذه المشكلات وحلولها، وخاصة تلك التي تتعلق بالأخطاء التربويَّة الممارسة من قبل الأهالي على الأطفال كاستغلال العطل الصيفية في جعل الطفل يعمل، إذ يفرض هذا الأمر خطورة تمرد الطفل على الدراسة، ويصبح متمرداً عليها ويرفض الاستمرار بها. 
ومن ضمن حالات التسرب الدراسي، قدرت وزارة التخطيط عدد الأطفال تحت سن الـ 14 عاماً ممن يزجون إلى سوق العمل ويبلغ ما يقارب 15 مليون طفل. كما شددت الإعلامية عالية طالب، وهي عضو مؤسس في المجموعة البغدادية، على ضرورة تقرب افراد الشرطة المجتمعية وتواصلهم مع الأطفال، وذلك من اجل توفير الحماية اللازمة عند تعرضهم للمخاطر، ومنها حالات “الانحراف السلوكي وحالات التحرش الجنسي”.
وذكرت بعض الفضائح التي سلط الإعلام الضوء عليها، ومنها “ سمسرة بعض مسؤولي الأقسام الداخلية وتحرشهم بالفتيات”، وخلال حديثها قالت، “ إن طلاب العراق لا يعلمون كيف يحافظون على أمنهم وأمن عائلاتهم ومدارسهم ووطنهم، وعمل الشرطة المجتمعية يرتكز على رفع الحس الأمني لدى مختلف افراد المجتمع” .
 
ماذا يفعل بالدراسة؟
تروي الناشطة المعنية بحقوق الطفل أحلام حسن، قصة علاء الذي دفعه فقدان والده في واحد من التفجيرات الإرهابية عام 2015 إلى أن يترك دراسته ويعمل كبائع بعربة جوالة. 
وأصبح الطفل علاء الذي لم يتجاوز (16) عاماً من عمره الآن هو المسؤول عن إعانة والدته وأخواته الثلاث. وتساءلت الناشطة: “ماذا يفعل بالدراسة، وعائلته بحاجة لدفع إيجار بيتهم؟”.
وأشارت الناشطة إلى أن مشاكل الأطفال، لا تنحسر في لقمة العيش وفقدان المعيل فقط، بل هناك الكثير من العوائل التي ليست بحاجة لعمل أطفالها، لا تؤمن بضرورة الدراسة، وهناك أيضاً من العوائل من تسيء التعامل مع اطفالها فتتسبب بالتالي في تمردهم وابتعادهم عن استكمال دراستهم. 
 
البذرة الأولى
وفي جانب التنشئة الأولى للطفل ترى مسؤولة الاشراف التربوي والنفسي الدكتورة جبرة الطائي أن ما تعانيه الجامعات والمعاهد من امراض اجتماعية وسلوكية، احتضنها الطلاب منذ سنوات المدرسة الأولى. وقالت إننا “بحاجة الى إعادة مناهج أساليب تدريس المراحل الابتدائية”. 
وترى الطائي: ان الكلمة الحسنة والاسلوب الطيب، وخلق بيئة دراسية حاضنة هو اشد ما يحتاجه الطفل، فهو يريد الاهتمام الذي لم يحصل عليه في المنزل، وذلك بسبب نفسية العائلة العراقية وما تعانيه سواء الآن أو في السابق. 
 
قرارات وصلاحيات 
وقال مدير الشرطة المجتمعية العميد خالد المحنة: هناك بعض التحديات التي تواجه قضايا التربية، من ضمنها التحرش، وهو من القضايا التي تعد شديدة الصعوبة، لأن عائلة الضحية لا يعلمون بها. 
متسائلاً  عبر حديث، كيف ستصل إلى مركز الشرطة، عندما يُعنى الأمر بحالات التحرش لكلا 
الجنسين.
وأضاف: نحن هنا نفتقر إلى التوعية، وإلى صعوبة الحصول على تشريعات رسمية برغم الحاجة اليها.
ورغم ذلك، الشرطة المجتمعية لم تقف مكتوفة الايدي، على حد قوله.   
وتوقف العميد خلال حديثه على إمكانية دائرة واحدة تهدف إلى سيادة الأمن في جميع جوانبه المتصلة والمتشابكة، أي الأمن الشامل لذلك نحن (الشرطة المجتمعية)  نعمل ونستعين بشخوص أقرب إلى المجتمع ومعنيين بهذه الأطر لتكوين مفاهيم ورؤى أقرب، وكذلك نحصل على بعض الدعم من وزارة الداخلية من أجل انجاز مهمتنا.
وشرح المحنة كيف ان للشرطة المجتمعية صلاحيات المجتمع المدني  والعلاقات العامة والعلاقات الدولية، فضلاً عن المادية والأفكار وغير ذلك من الامور التي تخدم عملهم.
 وأشار إلى أنه من غير الممكن التصدي لمواضيع بالغة الخطورة بمجرد الاستعانة بقرار أو قانون، هناك مشاكل تتطلب أسلوب بحث علمي دقيق، وأخرى تعاون وتضافر الجهود.
مؤكداً أنه من الممكن تشريع القانون، ولكننا بالمقابل بحاجة لجمهور يتفهم ويعي القانون، لأن القانون لا يسري بالقوة وعلى الأخص الأمن المجتمعي والاقتصادي.