عُشبة كلكامش

ثقافة 2023/11/28
...

  أديب كمال الدين


الأفعى التي سرقتْ عُشبةَ كلكامش

وجدتُها ذاتَ أسطورة.

كانتْ نائمةً فوقَ الرمل،

كانتْ، بالأحرى، تتظاهرُ بالنوم.

ولأنّي كنتُ مَفتوناً بالدنيا وبكلكامش

فلم أفزع منها،

بل قلتُ لها:

أحقّاً سرقتِ عُشبةَ الخلودِ من كلكامش

وتركتِه ليواجَه خيبتَه الكبرى؟

رفعتِ الأفعى رأسَها،

وقالتْ: نعم.

قلتُ: كم أنا محظوظ إذ ألقاكِ!

أريدُ من سِرِّ خلودِكِ شيئاً!

قالتْ: يا هذا لا خلودَ لكَ أبدا

إلّا أن تحملني حولَ عنقكَ ليلَ نهار،

وتتحمّل غضبي ونَزَواتي 

حتّى أنّي قد ألتفّ

على عنقِكِ حينَ أشاء!

قلتُ مرعوباً: لا لا لا.

قالت: لم يبقَ أمامكَ إلّا أن تتبعني

إنْ شئتَ شيئاً من سِرِّي.

لكنّي سأتعبُكَ طوال العمر

فجِلْدي يتغيّرُ أبدا

وَنَزَواتي وطُرُقي تتغيّرُ أبدا.

فيما أنتَ ستتبعني بقدمين حافيتين

وقلبٍ مذهول.

ستحرقُكَ الشّمس

ويعذّبُكَ العطشُ، الجوع 

ويمزّقُكَ الحرمان!

لا أظنّكَ تتحمّل هذا كلّه

فاغربْ عن وجهي يا هذا...

اغربْ عن وجهي يا هذا الإنسان،

والعبْ لعبةَ خيبتِكَ بعيداً عنّي

يا حفيدَ البائس كلكامش!