بغداد: هدى العزاوي
يجد الكثير من المواطنين أن مقاطعة الانتخابات وسيلة لمعاقبة الطبقة السياسية، إلا أن تلك المقاطعة وفق قانون (سانت ليغو) تخدم الأحزاب الكبرى، إذ أن الدستور لم يحدد "عتبة انتخابية" أو حداً أدنى لعدد المشاركين في الانتخابات لسلب شرعيتها.
وقال رئيس مركز "الشرق للدراسات الستراتيجية والمعلومات"، علي مهدي الأعرجي، في حديث لـ"الصباح": إنه "لابد أن نقف على مفصل مهم بالجانب السياسي يميّز بين الحاكمية والشرعية، وأن شرعية الحكم في النظام الديمقراطي تأتي من خلال أصوات الأغلبية التي تضفي على الحكم شرعية الممارسة والعمل، وهذا ما يجب تطبيقه في الدول صاحبة الديمقراطيات الحديثة، لأنها لا تملك الباع الطويل في فهم العمل الانتخابي"، مبيناً أنه "في المقابل نجد هذا الفكر منافياً ويختلف مع النظم الديكتاتورية التي تملك الحاكمية بدون شرعية" .
ولفت، إلى أن "مقاطعة الانتخابات تسلب الشرعية من السلطة الحاكمة وتمنحها الحكم، ونحن كدولة ديمقراطية نتمسك في شرعية السلطة مع الحكم، لذلك فإن أي مقاطعة تهدد العملية السياسية بالكامل، علاوة على أن هذه الخطوة لن تغير من الواقع الحالي، لأنها تتيح المجال لنفس الجهات بالتشبُّث بالسلطة وتمد في عمرها"، مبيناً أن "هنا لا يمكن القول أن هناك تغييراً قادماً في الأفق، سيما أن نظام (سانت ليغو) صمم بشكل ينسجم مع الوضع الحالي للأحزاب الحاكمة"، بحسب تعبيره.
وأوضح الأعرجي، "أننا لا نرفض بقاءهم في السلطة بقدر ما نبحث عن مرحلة مختلفة تخرجنا من طريقة التفكير الأحادي والثبات على النهج"، وتابع: "نعم؛ يعتقد البعض أن في المقاطعة سبيلاً للخلاص، لكنها فكرة غير صائبة وغير منطقية، لأن الدستور العراقي لم يحدد مستوى القبول والرفض في العدد الانتخابي أو عدد المشاركين، فحتى لو كان عدد المشاركين أقل من 10بالمئة من عدد الناخبين، تعتبر الانتخابات شرعية ومعترفاً بها" .
من جانبه، بيّن الباحث في الشأن السياسي الدولي، الدكتور حيدر سلمان، في حديث لـ"الصباح"، أن "مقاطعة الانتخابات أمر غير مرغوب به على أساس أنها ستخدم فئة على حساب فئة أخرى، ويتغيب جزء كبير من الشعب عن الانتخابات"، عادّاً أن "مقاطعة الانتخابات من دون أسباب واضحة أو من أجل معاقبة الطبقة السياسية، ستخدم (الأحزاب الكبرى)"، متسائلاً: "فما الجدوى من المقاطعة!؟" .
ولفت، إلى أن "اعتماد نظام وقانون (سانت ليغو) خطأ كبير على أساس مضاعفة الأرقام والذي سيعطي صورة مغايرة عن الواقع، فعلى سبيل المثال من أخذ 100 صوت ستحسب له 170 ألف صوت، وبالتالي كلما كبرت الكتلة كلما زادت الأرقام الوهمية لها، وبذلك فإن القانون الانتخابي مكرّس لخدمة الأرقام الكبيرة"، مبيناً أن "الكثيرين انتقدوا (سانت ليغو)، ولكن أن تقابل هذه المنظومة بانعزال المواطن والتسويق ضد المشاركة بالانتخابات، فهذا واقع غير صحيح، ولن ينتج عنه ما يلبي طموح المواطنين المقاطعين للعملية الانتخابية، فالواقع يقول بأن المشاركة بالانتخابات هي عملية صنع طبقة حاكمة لن تأتي عن طريق الانقلابات بل عن طريق صندوق الاقتراع" .
وأكد سلمان، بأن "ما يشوب العملية السياسية ترسّبات، وعملية استرداد الشرعية تكون من خلال المنظومة الانتخابية - حتى إن كانت على أرقام ضعيفة وقليلة - إذ لا يوجد لدينا حد أو عتبة انتخابية بنسبة المشاركة، لذلك يجب أن نشارك بالانتخابات، واختيار الناخب متروك له، لذلك نقول (لا لمقاطعة الانتخابات) أو التسويق لمقاطعتها" .
تحرير: محمد الأنصاري