أنا والكتب

ثقافة 2023/12/05
...

   كاظم الحسن 


يستعرض الباحث طريف الخالدي، ما مر به من الكتب وأصحابها، منذ الطفولة وحتى المحطات الأخيرة من العمر. في بيت تغطي حيطانه رفوف الكتب ويرعاه والد ووالدة، لا يذكر عنهما شيئا، في طفولته بقدر ما يذكرهما، منهمكين في الكتابة. وعن الطفولة التي تأثرت بعالم الكبار وانحسارها في العلم والتعلم، لقد تقلصت مساحة الطفولة وحريتها بفعل الانهمام بالقراءة، وانتقلت اهتماماته من جرجي زيدان إلى قصص أرسين لوبين المترجمة إلى العربية التي كانت رائجة في بيروت، في تلك الآونة. في العام 1951 قرر الأهل إرساله إلى مدرسة داخلية في إنكلترا، وكان عليه تعلّم اللاتينية واليونانية وثانيهما الطاقة، لاحقا على تحمل كافة صعاب الحياة. خلال تلك الأعوام وما تبعها من سنوات ثلاث، في جامعة أكسفورد، أضحت الانكليزية هي جل ما يقرأ وبعض الفرنسية من حين لآخر. وكانت مادة تخصصه في الجامعة هي التاريخ.

وكان المنهاج الغالب، ينصب على تاريخ انكلترا في القرون الوسطى، وكأن ما يحدث في أوروبا،أو بيزنطة أو في العالم العربي والإسلامي في تلك العصور لا علاقة له بإنكلترا على الإطلاق. 

وعن تخرجه وعمله: طفقت بعد التخرج أبحث عن وظيفة، وكانت الجامعة الأميركية في بيروت هي الوجهة الطبيعية، إذ كانت جامعة والدي وأعمامي. 

اما عن مشواره في النشر، بدأت رحلتي مع النشر فقد كانت الجامعة الأميركية، وما زالت، تلتزم مع الأساتذة بشعار مستورد من أميركا، هو "النشر أو الموت " فجعلت من النشر في مجلات اجنبية، اهم مقياس للتدرج في مراتب الأستذة، فأضحى ذلك الشعار كالسيف المسلّط فوق رؤوسنا. وعن فكرة التاريخ عند العرب، يقول الباحث طريف الخالدي:في العام الجامعي 1985 - 86 الذي امضيته كباحث زائر، في جامعتي القديمة،اي اكسفورد، عقدت العزم على الشروع في التخطيط، لكتاب شامل يتناول مفهوم التاريخ وكتابته عند العرب، من القرآن وصولا إلى ابن خلدون. كان الموضوع بالنسبة لي طبيعيا، بمعنى أن أطروحتي عن المسعودي والبعض من مقالاتي السابقة انصبت على هذا الموضوع، بشكل مباشر أو غير مباشر. 

والباحث يصف ابن خلدون بأنه إمام المؤرخين ويشبهه بالمفكر الكبير كارل ماركس والاسم الذي اختاره ابن خلدون لعلمه الجديد، والذي يقول إنه لم يسبقه أحد إليه فهو "علم العمران". وتجدر الإشارة إلى أن ابن خلدون، قد قلب كتلة مفاهيم الحضارات القروسطية الشرقية والغربية، رأسا على عقب من خلال هذا العلم. 

إذ أن النصوص الأدبية والدينية حتى أيامه هي، كانت في الغالب الأعظم، منصبة على الإنسان الفرد، على الروح البشرية، والمصير، والعبادات والمعاملات والواجبات الانسانية، على الخير والشر، على معنى البطولة، على الحب، وإلى ما هنالك من الأمور التي محورها الإنسان الفرد. أما ابن خلدون فهو يرى أن العمران، هو الأمر الجدير بالفحص والتدقيق.