علي حسن الفواز
تكشف سياسات العدوان الصهيوني عن مشاريع غامضة، وعن ممارسات لا تدخل في سياق صناعة الحرب فقط، بل بأهداف تتعلق بانهاء الوجود الفلسطيني، والتخطيط لتنفيذ سياسة تتبنى مشروع التهجير، رغم رفض العالم لهذا المشروع ولمرجعياته العنصرية، ففضلاً عن مخالفته للقانون الدولي ولعدم واقعيته، فإن الشعب الفلسطيني متمسك بأرضه ووجوده التاريخي فيها، ولا يعدو التهجير في هذا السياق إلّا أن يكون استمراراً آخر لتوحش العدوان، ولأن أهدافه تعمد إلى فرض "واقع حال" يتجاوز التاريخ، إلى الأوهام، وإلى سرديات تتغوّل عبرها أساطير صنعها "العقل الحاخامي" لتمرير سياسات عنصرية، ومعطيات ترتبط بحسابات دولية تدعمها مشاريع أميركية وغربية، تسرب بعضها عبر وسائل الإعلام، وبهدف العمل على مشاريع غامضة لتصفية القضية الفلسطينية. إن ما يجري في غزة من عدوان، ومن تشريد متعمد من شمالها إلى جنوبها، يهدف إلى تحويل المنطقة إلى جغرافيا للجحيم، وإلى رسم خطوط عامة عن "بروفات" التهجير من المكان إلى الفراغ، وبنوايا تتحول فيها سياسة التهجير والطرد إلى ممارسةٍ تُعيدنا إلى كوارث التهجير عام 1948 حين تحوّل الطرد إلى مشروع سياسي مدعوم من الغرب لإقامة الكيان الصهيوني، ولتحويل أعداد كبيرة جداً من الفلسطينيين إلى لاجئين في منافٍ لا حدود لها.. من جانب آخر فإن أهداف التهجير ستتحول إلى أكبر تهديد للأمن القومي العربي، على مستوى تهديد ذاكرة الأمة وتاريخها ومقدسها، وعلى مستوى تحويل الأرض إلى جغرافيا للاستيطان قابلة للتمدد، وهو ما يضعنا أمام الغامض والمخبوء من أساطير الحاخامات، وبروتوكولاتهم في السيطرة على الأرض، وهذا مايجعل مواجهة هذه المشاريع من أكثر المسؤوليات التي ينبغي أن تتبناها الدول العربية، وضرورة الوعي بأخطارها وأهدافها العدوانية، وعلى نحوٍ يتطلب جملة من المواقف والسياسات التي تتطلب تعزيز فواعل الأمن القومي، ورفض كل الممارسات التي تحاول الولايات المتحدة والغرب تمريرها، وتحت مشاريع خادعة اقتصادية أو إصلاحية أو "ثقافية" تتغذّى بأهداف التطبيع مع الكيان، وبسياسات "ناعمة" تعمل على محو ذاكرة "المكان التاريخي" وفرض تمثلات تقوم على أساس الإيهام بتوسيع مديات المصالح والأسواق المشتركة و"المجتمع الدولي" ومواجهة تحديات مصنوعة في مطابخ المخابرات الغربية، والخاصة بتحديات التطرف والكراهية والجماعات الأصولية وغيرها من الممارسات التي تختلط فيها الأوراق والنوايا.