بغداد: هدى العزاوي
حدد الدستور العراقي لسنة 2005 مهام وملامح عمل مجلس النواب "البرلمان" بشقين رئيسين هما "الرقابة" و"التشريع"، وجرَّاء الظروف المُعقّدة التي مرّت بالبلد طيلة السنوات السابقة وما فرضته من أجواء وخلافات سياسية متوترة؛ انعكس ذلك على الأداء البرلماني بشقيه، فالرقابي بات مادة للتقاطع السياسي بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، أما التشريعي فقد غرق في تفاصيل الخلافات والعناد واللامبالاة أحياناً ما أدى لتعطيل تشريع عشرات القوانين؛ وتحديداً منذ النصف الثاني للدورة الثالثة وكذلك الرابعة بأجمعها وإلى اليوم.
المستشار القانوني لمجلس النواب، الدكتور هاتف الركابي، أشار في حديث لـ"الصباح"، إلى تعطّل 170 قانوناً داخل البرلمان"، منوّهاً بأن "الدورة الأولى والثانية والنصف الأول من الدورة الثالثة كانت حافلة بالتشريعات القانونية سواء من الجانب التشريعي أو الرقابي، فضلاً عن وجود استضافات عديدة واستجوابات أقيل على إثرها وزراء كُثر" .
ولفت، إلى أن "النصف الثاني من الدورة الثالثة وما تلتها؛ شهد حالة انهيار من ناحية التشريع والرقابة، وتحولت الجلسات إلى تعطيل وإقصاء الجانب الرقابي تماماً، وبالتالي أصبح البرلمان في تلك الفترة عبئاً على عمل السلطة التنفيذية، وأخفق بصورة واضحة"، وأوضح، أن "البرلمان لم يُشرّع في تلك الفترة (الدورتين الثالثة والرابعة) أية قوانين، وبالتالي تم ضرب النظام الداخلي عدة مرات، وتم شطر لجان دون الرجوع إلى التصويت، كما أسس لجاناً جديدة أيضاً دون تصويت، وحدثت إشكاليات في وضع رئاسات البرلمان فضلاً عن تعطّل بعض اللجان والتي لم تتم تسويتها إلى الآن" .
وتابع: "لم يكن هنالك تشريع لأي قانون مهم في (السنة الماضية 2022)، وقانون واحد فقط تم اقتراحه من البرلمان والذي وضعته الحكومة وهو (قانون الأمن الغذائي) والذي تم رفضه من قبل المحكمة الاتحادية، ومن ثم قدم من قبل اللجنة المالية على شكل مقترح، وبالتالي شُرّع (قانون الأمن الغذائي) الذي أسهم بضياع سيولة 37 مليار دولار في الحكومة السابقة من خلال مشاريع وهمية وغيرها" .
وأضاف أن "البرلمان في الدورة الخامسة الحالية فشل في تشريع (قانون المحكمة الاتحادية) و(قانون النفط والغاز"، وبيّن أنه "بالتالي فإن 170 مشروع قانون وارداً من السلطة التنفيذية ستُرحّل إلى الدورة المقبلة، وستعود تلك المشاريع للسلطة التنفيذية (مجلس الوزراء) حتى يحيلها مرة أخرى للدورة المقبلة إذا لم يُشرّع البرلمان تلك القوانين" .
من جانبه، أشار الباحث في الشأن السياسي، عمر الناصر في حديث لـ"الصباح"، إلى أن "من مصلحة المنتظم السياسي تشغيل محركات المصلحة الوطنية بأقصى طاقتها الإنتاجية والذهاب لإقرار تلك القوانين بأسرع وقت ممكن، لأن الشارع العراقي اليوم بحاجة لمن يعيده إلى جادة الثقة بالطبقة السياسية التي فشلت في تحقيق أهداف ومنجزات نوعية وستراتيجية تخدم الشعب وتحمي الدولة من أخطار الانهيار" .
وأكد، أن "تعطيل إقرار أي قوانين لها تماس مباشر بحياة المواطن خطأ تتحمله جميع القوى السياسية، وفي المقابل يوجد هناك تغليب للمصلحة الشخصية والحزبية على الاعتبارات والميول الوطنية، وهو ما سيؤدي لاتساع الفجوة والهوّة بين الناخب وصناديق الاقتراع، ويؤدي بالنهاية إلى فشلٍ ذريعٍ يُمكّن الأجندات والقوى الخارجية الناعمة من تحقيق أهدافها المريضة" .
تحرير: محمد الأنصاري