بغداد: رحيم رزاق الجبوري
منذ رحيل الرعيل الأول من المعلقين العراقيين، أمثال شيخهم مؤيد البدري، ورعد عبد المهدي، وغني الجبوري، وطارق حسن، وابتعاد شدراك يوسف، وعدم استقرار علي لفتة على قناة رياضية محددة؛ لم يبرز أي معلق يفرض نفسه منافساً أو يضع بصمته وأسلوبه الخاص على الساحة الرياضية الإعلامية؟ ومع احترامنا لجميع الأسماء الشبابية التي ظهرت بعد هؤلاء؛ التي اجتهدت وثابرت، لكي تثبت وجودها؛ لكن المتابع العراقي، ظل متذمراً وغير راضٍ، وللأسف، بدأ يلجأ ويفضل متابعة مباريات منتخباتنا الوطنية بصوت معلقين عرب، أو خليجيين؟ ويغدق في الثناء عليهم. وهنا لا بد أن نعترف بأن الجيل الذي تربَّت ذائقته البصرية والسمعية على جودة وتقنيات القنوات الفضائية العربية والعالمية؛ ويستمع بشغف لأمهر المعلقين العرب والخليجيين؛ فمن الصعوبة أن يقتنع بمعلق محلي يحاول إيهامه بالتقليد، أو يستنسخ تجارب الآخرين؟ فهل سنشاهد أصواتاً تبتكر أسلوباً خاصاً بها، وبهوية عراقية خالصة، تلامس مشاعرنا، ونتسمَّر أمام الشاشات للاستمتاع بأدائها وببصمتها الفريدة.
تقليد أعمى
يقول د. عدنان لفته (صحفي وإعلامي رياضي): «إن التعليق اليوم عبارة عن تقليد أعمى للمعلقين الخليجيين والمغاربة؟ وهذا يغيّب جمال اللهجة العراقية وعذوبتها، لذلك نجد شحّاً في الأصوات اللائقة والمناسبة. فالتعليق موهبة لكن تحتاج إلى الصقل والتدريب والتطوير. وللأسف ليس هناك من يتصدى لمهمة إعداد وتأهيل المعلقين الرياضيين، فكل قناة تعتمد على بعض الأصوات الغارقة في التقليد، وقلَّة من يحفظون مكانة الصوت العراقي» .
تشذيب وتهذيب
ويشير عمار علي (إعلامي وصحفي رياضي)، في هذا الصدد، إلى أن “العراق بلد زاخر بالمواهب في كل شيء ومنها التعليق. وزد على ذلك لهجتنا المحببة لدى كل دول الخليج خصوصاً والوطن العربي عموماً؛ لكنني استغرب أن تستقطب القنوات الرياضية من يقلِّد غيره من الأخوة العرب سواء كان خليجياً أو من المغرب العربي؟ ويفتقر للثقافة العامة ولا أقول الرياضية بل العامة التي تعطي المعلق من حيث لا يدري سيلاً من المعلومات عندما يكون اللقاء بائساً وعلى مستوى ركيك”. ويضيف: “أما قضية الرفع والنصب وسوء الأداء باللغة العربية فحدِّث ولا حرج، لا سيما وهم ينشدون أبياتاً شعرية بها ما بها من البيان والنحو؟ وما تقدم من سلبيات؛ لا يعني أننا لا نملك معلقين ممتازين؛ فعلى العكس تماماً هناك أخوة مميزين؛ فقط يحتاجون إلى تشذيب وتهذيب كي يكون النتاج عالمياً على مستوى العراق والوطن العربي» .
عشوائية
فيما يعزو د. عمر سعدي (حكم كرة سلة) عدم بروز موهبة في هذا المضمار، لعدة أسباب، قائلاً: “بالرغم من الاهتمام المفرط من قبل القنوات والبرامج الرياضية العراقية بلعبة كرة القدم، دون الألعاب الأخرى، إلا أن ذلك لم يشفع بظهور اسم نشير إليه بالبنان؟ ففي مجال لعبة كرة السلة يوجد عدد من المعلقين؛ لكنهم لا يرتقون للأسماء العربية. وما زالت مخيَّلتي تستذكر حقبة الثمانينيات التي وعينا عليها، فقد كان طارق حسن، يعلق على كرة القدم وكرة السلة، وكان بارعاً في كلا المجالين، وأيضاً هيثم محمد رشيد، تخصص في مجال السلة واليد”. ويضيف: “أن المشكلة حالياً تكمن في العشوائية. فبالرغم من بروز أسماء هنا وهناك، لكنها ليست متخصصة، ولا تمتلك مهارة العرب والخليجيين. ولذا يجب أن تكون لدينا مدرسة عراقية خالصة، يشرف عليها متخصصون، تتناول تدريب وتعليم وتهيئة معلقين يمتلكون الموهبة والشغف والأسلوب المنفرد» .
رابطة
ويبدي ثامر الحداد (إعلامي وصحفي)، أسفه، من خلو الساحة الإعلامية الرياضية من المبدعين في مضمار التعليق، والغالبية منهم مقلدون، حسب وصفه؟ إذ يقول: «أصبح المشاهد العراقي الرياضي يتجه نحو القنوات العربية لمشاهدة المباريات بسبب عدم وجود صوت محترف يجعل للمباراة روحاً حية ويجذب المشاهد إليه؟ لا سيما أن المعلق الرياضي له دور كبير في رسم وإيصال المتعة الكروية وتفاصيلها المتعددة، وهذا ما توفره القنوات العربية التي تستحوذ على الأصوات الملهمة؛ وبسببهم أصبحت مشاهداتها كبيرة. وهذا الغياب سبَّب فجوة كبيرة بين المشاهد العراقي والحدث الرياضي؟ وعلى القائمين على شؤون رياضتنا، أن يقيموا دورات وورشاً تطويرية لهواة التعليق، وعمل جمعية أو رابطة، تختص بتفاصيل عملهم وتنمية قابلياتهم، وفي جميع الرياضات وليس في كرة القدم فقط. فبلادنا زاخرة بالمبدعين والموهوبين في جميع المجالات؛ لكنهم يحتاجون للدعم والتطوير والتدريب» .