سيماء سقطري: تشفير المعنى الفيلمي محدود التداول في خطابنا المعرفي

ثقافة 2023/12/11
...

 محرر: سينما

 شهد الدرس الأكاديمي، مؤخرا، مناقشة أطروحة الدكتورة تقدمت بها الباحثة سيماء سمير سقطري، المعنونة بـ {جماليات الصورة وتشفير المعنى في الفيلم السينمائي.. المخرج كوينتن تارنتينو أنموذجاً" إلى قسم السمعية والمرئية في كلية الفنون الجميلة، فنالت عنها درجة جيد جداً عالٍ..  وكان اختيار موضوعة التشفير} غريبا وجريئا لأسباب ليس اقلها ان موضوعة تشفير المعنى في الفيلم السينمائي، محدودة التداول في خطابنا المعرفي، فلا تطبيقات ولا مصادر، الا ندر، فضلا عن اختيار المخرج المستقل والفريد في أسلوبه ونمط تفكيره، تارنتينو ليكون عينتها الوحيدة، يعد مجازفة لولا الجهد المبذول من الباحثة ومشرفها.
ولأهيمه الموضوع وجدته، التقت سينما " الصباح" سيماء سمير، وسألتها عن سبب اختيار" جماليات الصورة وتشفير المعنى في الفيلم السينمائي؟ اجابت: " لأن  تشفير الصورة الفيلمية  تعتمد على الامكانات الجمالية التي توفرها لغتها السينمائية وشكلها الفيلمي" وتضيف سقطري ان "   مشكلة التشفير طبعت تاريخ جماليات الفلم، بشكل جعله يستأثر بتاريخ السينما، وكل مراحل تطورها المختلفة، منذ أبسط الامكانات الجمالية الصورية، حتى يومنا  هذا، لذا يدرس الفلم كنص سيميائي بما ينطوي على إشارات نصية، تتماسك في معطى سمعبصري ينال كامل الفيلم، وفقا لآليات تضمن حسن، استخدام عملية التشفير في الوسيط التعبيري لخلق المعنى الفلمي، من خلال فهم المنطق الذي تعتمده الشفرات، كونها الأدوات التي يتوجه من خلالها اهتمام المتلقي نحو بيان الخطاب، ومن أجل الإلمام بجميع تفصيلات متغيرات العنوان"، والتمست من سيماء سمير توضيحا بشأن جذور التشفير في تراثنا العربي؟ قالت: "عمدت إلى الولوج في مدخل تاريخي لمفهوم التشفير وأصوله العربية في علم التعمية، الذي أسسه الخليل بن أحمد الفراهيدي ودور العلماء في الحضارة الاسلامية في إرساء مفاهيمه ودراسة شفرات الصورة، التي شكلت مفاهيمها ودلالاتها هاجساً للفلسفات والدراسات، للغوص في لُججها لفهمها ولتحليلها وتشريح معانيها، كونها المادة الأولى في الإدراك البصري وهي الوسيط في عملية التواصل، وهي الأداة التي يتم من خلالها ترجمة الافكار والرؤى والصور الذهنية إلى صورٍ بصرية يُخلق من خلالها المعنى"، وعن اختيارها لتارنتينو عينة في أطروحتها؟ ردت مخرجة فيلم " زيرو ملم" : " إن المخرج الأمريكي ذا الاصول الايطالية كوينتن تارنتينو، هو أحد أهم صناع الافلام المستقلين في عالم السينما اليوم، اذ  لفت الانتباه نحوه منذ أول افلامه" كلاب المستودع "(1992) الذي أنتجه بأبسط الامكانيات، حيث أكد حضوره وتميز موهبته، كمخرج لديه الكثير لقوله، بشكل مختلف ومستفز في أحيان كثيرة، فهو المخرج الذي يعدُّ أنموذجًا لما انتجته  السينما الجديدة بعد جيلها الاول، المتمثل في  جيرمان ديولاك ، ولوي ديلوك ، ومارسيل لهريبيه، من خلال  نشاطاتهم في مراكز السينماتيك واصدارات مجلات  السينما، والدراسات النقدية السينمائية"، ومن وجهة نظر الباحثة، فإن الثقافة السينمائية التي صنعها أرشيف الفيديو، تمثلت في النقد التطبيقي  على الأفلام، التي أخرجها مخرجون تحيزوا للتراث السينمائي، ووظفوه في أفلامهم، بما يسمى إعادة تدوير الأفلام، وهذا كله واضح في أعمال كوينتن تارنتينو، " فعند مشاهدتنا لأحد افلامه، نكون امام مخرج صنع رؤيته السينمائية بمشاهدة وتفكيك وتحليل وتركيب أفلام أخرى، بصورة قلقة يغمرها الكثير من العنف اللفظي والمرئي.
وحينما قلت لها: افترضي أن عينة البحث تحتم اختيار أفلام عراقية، ماذا ستختارين ؟ اجابت: "  كنت سأدرس، وأحلل عينة فيلمية عراقية، مكونة من ثلاثة أفلام هي : " النهر"(1978) للمخرج الراحل  فيصل الياسري، و" الظامئون"(1972) لمحمد شكري جميل، و" بغداد، خارج بغداد"(2013) للمخرج  قاسم حول، كونها تنسجم وموضوعة البحث، فضلا عمّا لهذه الأفلام من رؤية إخراجية متميزة، وتعبير البصري عميق، من خلال بناء اللقطات، وحركة الكاميرا، وضبط التكوينات .
وسيماء سمير من مواليد بغداد 1982، تخرجت من كلية الفنون الجميلة في العام 2011، حصلت على الماجستير من الكلية نفسها وعلى الدكتوراه أيضا، لها ثلاثة أفلام هي: " زيرو ملم"(2017)، و" وسط المدينة"(2011)، و " ما حدث في الثامنة" (2020).. حصدت هذه الأفلام العديد من الجوائز وشاركت في مهرجانات محلية ودولية.