أسرارٌ في المحار تطيلُ العمر

علوم وتكنلوجيا 2023/12/11
...

 باندورا ديوان
 ترجمة: شيماء مير ان

يعتقدُ العلماءُ أنَّ سرَّ الحياة الذي يطيل الأعمار مخبأ داخل المحار، إذ اكتشف باحثون في دراسة جديدة أجرتها جامعة بولونيا الإيطاليَّة، مجموعة جينات تسمح لهذه الكائنات بأنْ تعيشَ لمئات السنين، والتي قد يلعبُ الكثير منها دوراً في شيخوخة الجنس البشري.
تقول ماريانجيلا إيانيلو، الباحثة في قسم العلوم البيولوجيَّة والجيولوجيَّة والبيئيَّة، لمجلة نيوزويك: "لا يمكن أنْ تهدفَ الأبحاث الى إطالة عمر الإنسان فحسب، بل زيادة الفترة الصحيَّة للحياة وتأخير تطور الأمراض أيضاً.
ومع ذلك، حتى الآن، ركزت العديد من الدراسات في مجال طول العمر على دراسة الخمائر وذباب الفاكهة والديدان، رغم أنَّ مثل هذه الأنواع توفر بشكلٍ عامٍ العديد من المزايا في أبحاث علم الأحياء، يسهل التعامل معها ونعرف جوانب مختلفة من بيولوجيتها جيداً، لكنَّ عمرها الافتراضي قصيرٌ جداً. وتعدُّ دراستها للتحقق من طول العمر مفارقة".

تراكم الأضرار الخلويَّة
كشفت الدراسات التي أجريت على المحار عن أنَّ الشيخوخة تعودُ الى حدٍ كبيرٍ لتراكم الأضرار الخلويَّة مع مرور الوقت. والكثير من هذا الضرر ناتجٌ عن طفرات في الشفرة الوراثيَّة، فضلاً عن تقصير الأغطية الواقية في نهايات الحمض النووي لدينا.
ولكنْ لفهم كيفيَّة إبطاء عمليَّة الشيخوخة، فهذه الحيوانات قصيرة العمر ليست النماذج الأكثر فائدة.
تقول "ايانيلو": إنَّ "النهج البديل لفهم الآليات المسؤولة عن إطالة العمر قد تكون دراسة الحيوانات ذات فترات الحياة الطويلة بشكلٍ خاص.
لقد طورت بعض الأنواع بالفعل القدرة على العيش لفترة أطول".
إنَّ السمات التي تسمح بمثل هذا العمر الطويل يتمُّ ترميزها في جينوماتها، وقد يساعد تحليل هذه السمات في تحديد المنظمين الرئيسيين الذين يسهمون في إطالة العمر الافتراضي.
ومن بين هذه الحيوانات طويلة العمر الرخويات ذات الصدفتين، وهي مجموعة من اللافقاريات ذات الأجسام الرخوة محاطة بقوقعة مفصليَّة من جزأين. وتشمل هذه المجموعة المحار وبلح البحر والاسكالوب وغيرها.
تقول ايانيلو: "نحن نعلم أنَّ الرخويات ذات الصدفتين تشمل أنواعاً ذات عمرٍ طويلٍ جداً. المثال الأكثر وضوحاً هو Arctica Islandica، وهو نوعٌ من المحار قد يعيش أكثر من 500 عام.
ومع هذا العمر الاستثنائي، يعدُّ هذا النوع هو الحيوان غير المستعمر الأطول عمراً المعروف حتى الآن. وعلى الرغم من ذلك، فإنَّ دراسة ذوات الصدفتين تمَّ التغاضي عن مجال طول العمر".

تراكم الأخطاء ومحاربة الشيخوخة
في الدراسة الاخيرة، التي نشرت في مجلة Genome Biology and Evolution، قامت إيانيلو وفريقها بفحص الحمض النووي لأربعة أنواع من الرخويات طويلة العمر، بما في ذلك Arctica Islandica، وقارنوا هذه الجينات بتلك الموجودة في أقاربهم قصيري العمر.
توضح ايانيلو: "إنَّ تحليل مثل هذه الجينات المتفاعلة في مجملها يعدُّ خطوة جديدة نحو التوصيف الشامل للمسارات الجينيَّة المعقدة الكامنة وراء طول العمر".
وما وجدوه هو أنَّ العديد من المتغيرات الجينيَّة الموجودة في الأنواع طويلة العمر شاركت في إصلاح وحماية الحمض النووي للحيوانات.
تبين ايانيلو: "لقد وجدنا العديدَ من الجينات المشاركة في إصلاح الأضرار في الحمض النووي وفي الحفاظ على استقرار البروتين".
مضيفة: "هذا أمرٌ مثيرٌ للاهتمام لأنَّ تراكم الأخطاء في الخلايا، بسبب زيادة عدد الطفرات في الحمض النووي وتراكم البروتينات التالفة هو السمة المميزة للشيخوخة.
ونحن نعتقد أنَّ الجينات التي يمكن أنْ تتناقضَ مع هذه الطفرات قد يكون لتراكم الأخطاء دورٌ مركزيٌّ في تأخير الشيخوخة، وبالتالي إطالة العمر".
مضيفة أنَّ مجموعة إضافيَّة من الجينات المثيرة للاهتمام التي اكتشفها الفريق تشارك في السيطرة على تكاثر الخلايا: "إنَّ التحكم في تكاثر الخلايا هو عملية ذات أهمية حاسمة في العديد من الكائنات الحيَّة، لأنها تمنع تكاثر الخلايا السرطانيَّة.
ومن المثير للاهتمام أنَّ الأورام نادرة في ذوات الصدفتين طويلة العمر، والجينات التي وجدناها قد يكون لها دورٌ في مقاومة تمرد الأورام"، توضح إيانيلو: "في مثل هذه الأنواع وبالتالي إطالة أمد حياتها".

الحمض النووي وطول العمر
تبين إيانيلو أنَّ "ما أجده الأكثر إثارة هو أنَّ العديد من الجينات في هذه الشبكة كانت مرتبطة سابقاً بطول العمر في الأنواع الأخرى، وهذا يشير إلى أنَّ الآليات المشاركة في إطالة العمر مشتركة بين الحيوانات".
إنَّ الطبيعة الواسعة الانتشار لهذه الجينات في الحيوانات طويلة العمر توفر أدلة مفيدة حول كيفيَّة تحكم الحمض النووي لدينا في طول عمرنا: "نعتقد أن هذه نتيجة مهمة، لأنها تكشف أنه يمكننا الاستفادة حتى من الأنواع المختلفة جدًا ذات العمر الطويل للغاية لتحديد جينات ومسارات جديدة قد يكون لها دورٌ في تنظيم متوسط عمر الأنواع الأخرى، بما في ذلك البشر".

عن صحيفة نيوزويك