دقيق عماد جاسم الأحمر.. إسقاطات وطنٍ جريح

ثقافة 2023/12/12
...

 بغداد: نوارة محمد 


أقيمت في ملتقى (قهوة وكتاب) ندوة ثقافيّة ناقش فيها الدكتور عماد جاسم آخر إصداراته (الدقيق الأحمر) بحضور عدد من المهتمين بالأدب والثقافة.

وعماد جاسم الحاصل على الدكتوراه في النقد والأدب الحديث هو عضو إتحاد الأدباء ونقابة الصحفيين وإتحاد المسرحيين عمل كمعد ومقدم في الإذاعة والتلفزيون، وصدر له كتاب الهوية المسيحيّة في الرواية العراقيّة وكتاب الدقيق الأحمر مع مساهمته في كتاب الرثاثة في العراق، وهو أيضا رئيس صندوق تقاعد الصحفيين وناشط مدني، فضلا عن عمله في وزارة الثقافة كوكيل عن وزيرالثقافة.  

وقال عماد جاسم في الندوة التي إدارتها الباحثة والكاتبة موج يوسف، إن”الدقيق الأحمر تمثلات الحرمان والاحتجاج في الشعر العراقي المعاصر، وهومحأولة لقراءة الواقع السياسي والاجتماعي للسنوات العصيبة التي عاشها العراق أبان الاحتلال وما بعدها من فوضى الأحزاب، وما رافق ذلك من خيبة عند العراقيين، فكان للشعر والشعراء كلمته وتثبيت موقفه الرافض لما حصل من تشظي الهويات والركون إلى الامتثال لهيمنة الطائفة والعشيرة والقومية، وبرزت تحديات المواجهة من أجل التمسك بالمواطنة سبيلا وعلاجا.»

وأضاف أن “الندوات الثقافية التابعة لمؤسسة (أنا عراقي-  أنا أقرأ) يعدها أدباء وصُناع المشهد الثقافي واحدة من أبرز اشتغالات الثقافة الحديثة، وهي أيضا  تذكيرٌ بأهمية الكتاب وتسليط للضوء على أبرز ما يدور في هذا الواقع الثقافي العراقي. إذ يرى الصحفي ورئيس مهرجان (أنا عراقي - أنا أقرأ) عامر مؤيد “مهرجان أنا عراقي أنا أقرأ الذي يعد نقلة نوعية في المشهد الثقافي العراقي على حّد وصف مهتمين،  فهو بالإضافة إلى الأبعاد الترفيهية، وتوزيع الكتب بالمجان، يقيم الندوات الثقافيّة لتسليط الضوء على القراءة وآخر الإصدارات وهو يسهم بشكل أو بآخر بجذب جيل شاب للعودة إلى الكتاب وتحفيزه لفكرة العمل التطوعي لاسيما أن المنظمة غير ربحية”. ويعود جاسم للقول “لقد تباينت أساليب الشعراء في محاكاة الواقع بين المباشرة والتأمل، بل أن هناك من خضع إلى المزاج الشعبي لكن المهم هو الفعل الجماهيري المتمثل بالاحتجاج الذي حفز الشعراء على مناغاته أو على تحديد مسارهم باتجاه التذكير بحرمان العراقيين من ليس مقومات العيش، ولعل هذا الكتاب هوالأول الذي يتناول الحرمان والذي فصل بين الحرمان المادي والمعنوي وكذلك ما ظهر من نسب مخيفة من الفقر والعوز في دولة غنية بالنفط والموارد انعكس ذلك على سخرية الشعراء من هذه المفارقة.» 

تضمن الكتاب تمهيدا وثلاثة فصول.. وكان الفصل الأول هو مراجعة تاريخية عن الشعر السياسي وكذلك التأثير الاقتصادي على الشعر في فترة تمتد من دخول القوات البريطانية إلى سنة الاحتلال عام 2003.

والفصل الأول عن الحرمان وتمثلاته في الشعر العراقي بعد 2003، تم تناول الحرمان نفسيا واجتماعيا، مع نماذج لقصائد تناولت الحرمان، وفهم سياق الأحداث وكيفية قراءة الشعراء الحرمان في بلد ارتفعت فيها مناسيب الفساد وتقاسم المتنفذين وليمة الوطن، وجاء الفصل الثالث عن الاحتجاج الذي رافقه الغضب والمطالبة بالعدالة بعد هذا الحرمان، وكتب شعراء العراق بما يتماثل مع مزاج الشارع بهذا الخصوص.

ويثمن عماد جاسم هكذا مبادرات ثقافيّة شبابيّة تجدد دماء الثقافة وتمنح دفقا رائعا، كما وقال إنها “وسيلة الامساك بالجدوى مع ضرورة أحياء التجمعات التي تعطي لون التمدن لبغدادنا، ولعلها خطوات لترسيخ قيم حضاريّة، وتفتح آفاق المشاركة والتفاعل الإيجابي الذي يؤسس لنوع من التضامن لإعلاء شأن الجمال والإبداع”.من جهتها، أشارت الناقدة والباحثة موج يوسف إلى أنّ هذا الكتاب يعد بمثابة دراسة اكاديمية ترصد قضية الحرمان في الشعرالعراقي المعاصر سرعان ما أصيبت القصيدة بكدمات وخدوش وضعفت فنيا وبّدت أغلبها  تصدر موضوعات كالحرب والفقر وانعدام الأمن وتشظي الهوية إلى أنّ مرحلة الاحتجاجات الأخيرة التي دخلت إلى الشعر وبقوة ليأتي الدور الاكاديمي لتسليط هذه الظاهرة الأدبية والاجتماعية، وترى يوسف إننا بحاجة لمثل هذه الأنشطة الثقافيّة لتسليط الضوء على كُتابنا وأدبائنا ومثقفينا.