العدوان والمثيولوجيا

قضايا عربية ودولية 2023/12/12
...

تضخمت أوهام الصهيونية في عدوانها على غزة، وصارت تخلط السياسة بالمثيولوجيات والأساطير والأوهام، وأضحى الآخرون- في هذا السياق- أعداء أو أغيارا كما تُسمّيهم سردياتها، وعلى نحوٍ تضخم معه الشك والارتياب، والخوف وصناعة الكراهيات والضغائن.

استقالة الأكاديمية ليز ماجيل رئيسة جامعة بنسلفانيا من منصبها الرئاسي، تؤكد هذا المُعطى الغرائبي، والغلو في حساسية المراقبة، فـ»الرئيسة» تعرّضت إلى انتقادات شديدة واُتهمت بمعاداة السامية لأنها أدلت بشهادتها في «جلسة استماع» في الكونغرس الأميركي، رافضة ما يجري في غزة من انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان ولقيم التعايش الإنساني.

هستيريا الشك والكراهية تحولت إلى عناوين هستيريا وجودية، وإلى علامة في الأنساق الحاكمة لـ»المؤسسة الصهيونية»، وعلى وفق شعار «إن لم تكن معي فأنت ضدي»، بعيدا عن أيِّ حق بالخصوصية، وبحق التعبير عن المواقف، وفي التعاطي مع السياسات التي تدّعي «الديمقراطية الأميركية» تمثيلها في السياسة، لاسيما أن جامعة بنسلفانيا من أبرز الجامعات المعروفة بأكاديميتها وعلميتها ومهنيتها، والتي عملت على تأسيس تقاليد صارمة لنظام التدريس وتطبيق القانون، وهذا ما جعل استجواب «الرئيسة» خرقا فاضحا وتدخلا في العمل المؤسساتي الجامعي.

هذا الخرق «القانوني» يكشف من جانب آخر عن أخطار كثيرة باتت تُهدد النظام التعليمي الأميركي بمستوياته المتعددة، وتحويل المواقف إلى قضايا ذات بعد سياسي و»مثيولوجي» بسبب الضغوط التي يمارسها اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة، لاسيما أن هذا الخرق في توصيف الاتهام قد طال شخصيات أكاديمية في الجامعات الأميركية أدلوا بشهاداتهم في جلسة الكونغرس الاستجوابية! إذ شملت رئيسة جامعة هارفارد كلودين جاي ورئيسة معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا سالي كورنبلوث، وهي سابقة تقوم على انتهاك قواعد العمل المهني واستقلاليته في الجامعات الأميركية.

اتساع المواقف المعارضة للعدوان الصهيوني الغاشم على غزة تحوّل إلى موضوع رأي عام، وإلى قضية لها ارتداداتها الصادمة على قطاعات كبيرة في المجتمع الأميركي، حيث شملت أوساطا فنية وأدبية وقانونية وجهات مدنية باتت مواقفها أكثر صخبا واحتجاجا على السياسات الأميركية الداعمة للعدوان، ولتعطيل إرادة مجلس الأمن في اتخاذ قرار بوقف إطلاق النار في غزة، لاسيما بعد استشهاد ما يقارب 18000 فلسطيني أكثرهم من النساء والأطفال، وتدمير كثير من البُنى الصحية والخدماتية والدينية، تحت أوهام البحث عن أنفاق المقاومة وعن الأسرى الذين تم أسرهم في معركة طوفان الأقصى.