د. عواطف نعيم
انطلقت فعاليات مهرجان الرياض المسرحيّ الأول في السابعة مساء من 13/ كانون الأول في فضاء مسرح القاعة الحمراء بجامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن بحضور جماهيري غفير وحضورعربيّ لقامات مميزة من العراق ومصر وتونس والمغرب وقطر والكويت والبحرين والأردن وسوريا، فضلا عن باحثين من ألمانيا وبريطانيا وامريكا مع قامات سعودية تعنى بالحركة المسرحيَّة في هذا البلد العريق من كتاب ومخرجين وممثلين.
كان عرض الافتتاح ملفتا، أذ قُدمت عروض فنيّة تجمع ما بين الموسيقى واستعراض الحركات البهلوانية الراقصة، ولعبة الضوء واللون باستفادة جميلة للمسرح الرقمي وتحولاته عبر البصري والمسموع، وقد كان لعرض الافتتاح وقع مدهش لدى جمهور الحضور، وقد تم تكريم بعض الشّخصيات الفنيّة في المسرح السعودي، ولعل أبرزها في هذا المهرجان التأسيسي الأول هو الكاتب والشاعر والأديب محمد العثيم الذي احتفت به وزارة الثقافة والإعلام السعودية احتفالا بهياً ومستحقاً بوصفه « من أول الفنانين السعوديين الذين اشتغلوا وأسهموا في تأسيس المسرح السعودي».
وقد انطلقت العروض المسرحيّة المنافسة على جوائز المهرجان من 14 وحتى 24 / كانون الأول، وهي عشرة عروض تم انتقاؤها من مجموعة العروض التي تقدمت بها الفرق المسرحيّة المحليّة والمتواجدة في المملكة العربية السعودية، وقد كانت لجنة الانتقاء والاختيار متكونة من عدد من الفنانين السعوديين المعروفين على الساحة الفنيّة، ولعل من أبرزهم الفنان د. سامي الجمعان.
وتفاوتت العروض المشاركة في مستواها الفنيّ والجمالي والفكري، حين اعتلت خشبة المسرح في القاعة الزرقاء، وهي أحد الفضاءات المسرحية التي قُدمت فيها أغلب العروض المشاركة في المهرجان، والتي جاءت فرقها من مختلف المحافظات السعودية، ولكن الذي كان يميز أغلب العروض هو وجود العنصر النسوي فيها، وهن من نساء المملكة السعودية ذاتها، إذ كانوا إلى فترة قريبة لا يحبذون وجود المرأة في هذه العروض المتنورة والدارسة لفن المسرح.
وترافق تلك العروض المسرحيّة ندوات تقييمية شارك فيها فنانون متخصصون في فنون المسرح وتجلياته، كما صاحب تلك العروض ندوات فكريّة ثلاث: الأولى تتعلق بمفهوم العولمة والمسرح، والثانية حول آفاق الكتابة المسرحيّة، أما الثالثة فهي حول المسرح السعودي والتثاقف والهوية الوطنية عبر التجربة العالمية.
أيضا قدم المهرجان عددا من الورش التي تهتم بالممثل، والتي تعنى بحركة الجسد، وكذلك ورشة للاهتمام بفن الكتابة للمسرح والأداء، وكانت إدارة المهرجان قد اختارت عددا من الأسماء الفنيّة العربيّة المهمة للجنة التحكيم واناطت إلى الفنانة نضال الأشقر مهمة رئاسة تلك اللجنة. لعل أهم ما ميز هذا المهرجان هو الحضور اليومي للجمهور الغفير إلى تلك العروض المسرحية، ومن ثم الندوات النقدية، ومتابعة كل الفعاليات المرافقة للمهرجان.
لقد كان الحضور شبابيا متحمسا ومتفاعلا بشكل يدعو للإعجاب، يُعد مهرجان الرياض المسرحيّ إضافة نوعية مهمة للمهرجانات العربية على خارطة المشهد المسرحيّ العربي، ويكتسب أهميته من رغبة القائمين عليه في تكريس وتفعيل الحراك المسرحيّ في السعودية كضرورة اجتماعية لابد من غرسها وترسيخها في المدارس والجامعات، ورغبة حقيقيّة في تحويله إلى مهرجان عربيّ يستقبل العروض العربيّة المنتقاة.
عاش جميع المشاركين في هذا المهرجان عرسا مسرحيّا مميزا اتسم بالتنظيم العالي والحفاوة الراقية واحترام المبادرات الفنيّة، رافقت فعاليات المهرجان نشرة يومية يتم عبرها التعريف بالعروض والفنانين المشاركين في تلك العروض، وكذلك التنظير في أهمية أبي الفنون المسرح.
لابد من ذكر أن الفنان السعودي عبدالاله السناني هو من كان رئيسا للمهرجان بوصفه واحدا من فناني المسرح السعودي المجتهدين. وقد كانت دولة تونس هي ضيفة شرف قدمت عرضها المسرحي (مريوشة) لمدة ثلاث ليال من فضاء مسرح القاعة الحمراء في جامعة الأميرة نورة، وقد أخرج هذا العرض الفنان التونسي محمد العريقي.
كاتبة ومخرجة وناقدة في المسرح العراقي