أغاني الفرح المثلوم

ثقافة 2024/01/03
...

سامر المشعل 



الذي يميَّز الأغنية العراقية أنها أغنية حزينة، وهي كذلك، لأنها نابعة من بيئتها وتعبر عن واقعها بصدق وانتماء أصيل، لكن أليست هناك مساحة للفرح بالغناء العراقي؟!.

نعم هناك أغانٍ مفرحة ومبهجة وذات ايقاع راقص، فمثلما الإنسان بحاجة للتعبير عن مشاعر الحزن، ايضا هو بحاجة الى الفرح، لا سيما ونحن الآن على اعتاب سنة، هناك من يستقبلها بفرح وأمل أن تكون جميلة ويخلق من هذه المناسبة لحظات لسعادته، وهو يستقبل العام الجديد مثلما جرت العادة بالأغاني المفرحة والسعيدة، بل الإنسان الحزين والمهموم هو أحوج ما يكون إلى الشعور بالسعادة والبهجة كمعادل موضوعي للحزن الذي راهن على حياته، والعراقيون عزاؤهم الوحيد، يكمن في الاغنية التي يعبرون فيها عن حالاتهم الوجدانية والانسانية بشتى اشكالها.

هناك أغانٍ عراقية مفرحة تقدم في الأفراح والأعراس والمناسبات السارة ذات ايقاع راقص بصوت لا يخلو من الشجن، لأن طبيعة الحنجرة العراقية تكونت ضمن جذورها البيئية وتشكلها الفسيولوجي موشحة بالحزن، الذي يبدأ من أغاني المهد والدللول التي تهدهد بها الأم وليدها بصوت حزين وشجي "دللول يالولد يبني دلل لول عدوك عليل وساكن الجول ".. وهي نبوءة لأن يحيا وليدها بحياة محاطة بالأعداء والمخاطر، وهناك من يريد النيل منه، ولم تخلُ حياته من العذاب.

ومع ظهور وسائل التواصل الاجتماعي فقد وجدت الاغنية العراقية مدياتٍ واسعةً جدا للانتشار ليس فقط على مستوى العالم العربي ومن يتحدث اللغة العربية، انما انتشرت في روسيا وأوروبا واستراليا وأميركا. خاصة الأغاني ذات الايقاع الراقص والسريع. فوجدوا بالأغاني العراقية شيئا جديدا وممتعا واخذوا يقلدون الرقص العراقي ويتعلمونه، وأخذت تفتح معاهد لتدريب الرقص العراقي على الأغنية العراقية. 

والأغاني المفرحة والراقصة تكون أسرع للوصول إلى الجمهور والتفاعل معها وأكثر انتشارا من الأغاني الهادئة والحزينة.

ومن عادة العراقيين مثل بقية الشعوب العربية الاحتفال بأعياد رأس السنة الميلادية، إلا أنه فرح مثلوم، بسبب الأحداث في غزة وما يعاني أهلها من حصار وحرب وحشية تستهدف المدنيين العزل بالقتل والتهجير، وحرمانهم من مقومات الحياة بلا انسانية أو رحمة، فالفرح بحياتنا فواصل قصيرة نقتطعها من عمر الزمن المؤطر بالحزن والعذاب. لكن يبقى الأمل مرفوعا الى السماء بالدعاء أن يعمَّ الأمن والسلام على أهل غزة والعراق ولكل شعوب العالم أجمع.